الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من الصلاة وتوزيع أوقاتها

السؤال

أود السؤال عن حكمة فرض خمس صلوات باليوم والليلة، والحكمة من ترتيبها بهذه الأوقات، فأرجو الإجابة بشيء من البيان لأن هذا السؤال يطرحة الكثير من المسلمين الجدد ونحن نعلم بأن ليس كل حكم علينا أن نسأل عنه وإنما أُمرنا بالتسليم لذك "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، ولكن للفائدة؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في العبادات أنها توقيفية شرعها الله تعالى اختباراً لعباده هل يستسلموا لأمره أم لا؟ مع عجز عقولهم عن إدراك الحكمة من مثل هذه التعبدات، وفرض الصلوات الخمس في اليوم والليلة وفي أوقاتها المحددة شرعاً لا يخرج عن هذا الأمر، وإن كانت بعض العبادات قد تدرك بعض الحكم منها، وللفائدة حول موضوع الحكمة في أوقات الصلاة راجع الفتوى رقم: 70234.

وفي إحياء علوم الدين للغزالي منبهاً على الحكمة من بعض أعمال الحج: ولذلك وظف عليهم فيها أعمالاً لا تأنس بها النفوس ولا تهتدي إلى معانيها العقول كرمي الجمار بالأحجار والتردد بين الصفا والمروة على سبيل التكرار وبمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرق والعبودية، فإن الزكاة إرفاق ووجهه مفهوم وللعقل إليه ميل، والصوم كسر للشهوة التي هي آلة عدو الله وتفرغ للعبادة بالكف عن الشواغل، والركوع والسجود في الصلاة تواضع لله عز وجل بأفعال هي هيئة التواضع وللنفوس أنس بتعظيم الله عز وجل.

فأما ترددات السعي ورمي الجمار وأمثال هذه الأعمال فلا حظ للنفوس ولا أنس فيها ولا اهتداء للعقل إلى معانيها فلا يكون في الإقدام عليها باعث إلا الأمر المجرد وقصد الامتثال للأمر من حيث إنه أمر واجب الاتباع فقط، وفيه عزل للعقل عن تصرفه وصرف النفس والطبع عن محل أنسه فإن كل ما أدرك العقل معناه مال الطبع إليه ميلا ما فيكون ذلك الميل معيناً للأمر وباعثاً معه على الفعل فلا يكاد يظهر به كمال الرق والانقياد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحج على الخصوص لبيك بحجة حقاً تعبداً ورقاً، ولم يقل ذلك في صلاة ولا غيرها.

وإذا اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى ربط نجاة الخلق بأن تكون أعمالهم على خلاف هوى طباعهم وأن يكون زمامها بيد الشرع فيترددون في أعمالهم على سنن الانقياد وعلى مقتضى الاستعباد كان ما لا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبدات في تزكية النفوس وصرفها عن مقتضى الطباع والأخلاق مقتضى الاسترقاق.

وإذا تفطنت لهذا فهمت أن تعجب النفوس من هذه الأفعال العجيبة مصدره الذهول عن أسرار التعبدات، وهذا القدر كاف في تفهم أصل الحج إن شاء الله تعالى. انتهى.

وللمزيد راجع الفتوى رقم: 8139، والفتوى رقم: 8650.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني