الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظالمة لنفسها ولزوجها ومظلومة أيضا

السؤال

قصتي طويلة ولكن مختصر القصة هو:
لقد تزوجت منذ عشر سنوات برجل مسلم بالهوية فقط ، وأنا كنت ملتزمة جدا ولكني أحببته أعطيته وقدمت له الكثير ولكنه لم يعطني إلا القليل كنت أعمل وأساعده في الحياة - كان زوجي يزني وأصحابه كلهم أصحاب سوء وكنت أعرف وأطلب منه دائما أن يبتعد عن هذه المعاصي ولكن وللأسف لم يستجب لقولي وكنت دائما أدعو له بالهداية والصلاح، كان يضربني إذا قلت له لا تذهب إلى الحرام، في يوم سافر بعقد عمل إلى الخارج لمدة خمس سنوات، وتركني عند أهلي كان عندي ولدان بعد سنة وسوس الشيطان لي بأن لا أبقى وحيدة ويجب أن أتحدث مع أحد ليسليني، معركتي كانت طويلة معه ولكن النصر كان حليف الشيطان طبعا بعد المهاتفات التليفونية وقعت في الزنى مرات عديدة .
تعبت من المعاصي ففي يوم فجأة وبكرم من الله قررت أن أترك هذه الكبائر فتبت إلى الله وعاهدته على أن لا أرجع إلى المعاصي مرة أخرى، رجع زوجي وأولاد الحرام أخبروه بما يسمعونه عني فواجهني وأنكرت ولكني لم أستطع أن أنكر طويلا لأنه أعطاني الأمان وقال لي بأنه لن يخبر أحدا وأنه إذا ثبت أني خنته لن يطلقني وسوف يستر علي وسوف يطلقني بعد فترة
صدقته وأخبرته بالحقيقة المرة وللأسف لم يصدق وعده لي بالعكس طلقني وكان يخبر أي شخص يذهب ليصلح بيننا بالقصة، والحمد لله كان طلاقي لخير لأني التزمت بدورة تحفيظ قرآن وتنقبت، والتزمت أيضا بدروس الدين وصاحبت أخوات ملتزمات صالحات وأكرمني الله بعد طلاقي بسته أشهر فقط بالعمرة أنا وأبي والحمد لله أنا أعمل الآن وملتزمة جدا ولا أرجو من الله إلا أن يتوب علي ويعفو عني (أنا الآن مطلقه منذ سنه ونصف)،
السؤال هو هل ما فعلته من معاصي كان بسبب معاصي زوجي أم الله .؟
هل اعترافي بذنوبي أمام زوجي كان صحيحا أم خطأ؟
هل أنا ظالمة أم مظلومة ؟
هل يحق له أن يحرمني من أولادي إن تزوجت، أرجو أن يصلني الرد بأسرع وقت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت فيما فعلت من المبادرة إلى التوبة من تلك المعاصي التي قد ارتكبتها، فنسأل الله أن يجزيك خيرا وأن يحفظك فيما بقي، ونوصيك بالحذر من كل ما من شأنه أن يوقعك في هذه المعاصي مرة أخرى، ولتكثري من الأعمال الصالحة والاستمرار في حضور مجالس العلم ومصاحبة الخيرات، واعلمي أن من تاب تاب الله عليه، فنوصيك بعدم الالتفات إلى ما مضى أو التفكير فيه، وعليك بالإحسان فيما يستقبل، وراجعي الفتويين: 8065، 35243.

واعلمي أيضا أنه ما من شيء يحدث في هذا الكون خيرا كان أم شرا إلا وهو من تقدير الله، ومن ذلك ما وقع منك من هذه المعاصي، ولا يبعد أن تكون معاصي زوجك سببا فيها، فقد أثر عن الفضيل بن عياض أنه قال: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي. وهذا لا يعني عدم مسؤوليتك عن هذه الذنوب، بل أنت المسؤولة عما ارتكبت من المعاصي بإرادتك.

وأما اعترافك لزوجك بفعل الفاحشة فهو خطأ منك.. إذ الواجب على من اقترف شيئا من المعاصي أن يستر على نفسه، وإذا ضيق عليه في السؤال ففي المعاريض مخرج من هذا الضيق، وراجعي الفتوى رقم: 67928.

وبخصوص قولك: هل أنا ظالمة أو مظلومة؟ فجوابه أنك ظالمة ومظلومة.. فقد ظلمك من قبل زوجك إن كان ما ذكرت من ضربه لك لم يكن لمسوغ شرعي، وكذا إن كان غيابه عنك طوال تلك المدة لم يكن برضى منك وليس له مبرر، إذ أن من حق المرأة أن لا يغيب عنها زوجها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، أو لأمر مهم يدعوه لذلك، وانظري الفتوى رقم: 55706.

وفي المقابل فإن إقدامك على فعل الفاحشة فيه ظلم لنفسك وفيه أيضا ظلم لزوجك وهتك لعرضه، والواجب على المرأة أن تحفظ زوجها حال غيابه عنها، وراجعي الفتوى رقم: 56406.

وأما حضانة الاولاد بعد الفراق فهي في الأصل حق للزوجة، ويسقط هذا الحق عنها بزواجها من آخر، وينتقل الحق إلى من هو أولى به بعدها كما هو مبين بالفتوى رقم: 7805، وسواء انتقلت الحضانة إلى إحدى الإناث أو إلى الأب فلا يجوز للأب حرمان الأم من زيارة أولادها وصلتهم، وتراجع الفتوى رقم: 57462.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني