الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طرق اكتساب ثقة الناس

السؤال

أنا من فلسطين كنت قد ولدت بالسعوديه وتربيت فيها... ومنذ أن وعيت على الدنيا وأنا والحمد الله في مشاكل نفسية عصيبة... لست أعرف لها حلاً... لا أنا ولا أخواتي نحن خمس بنات وولدان... أبي كان قوي الشخصية وشديداً جداً لدرجه الضرب على أي شيء... أمي كانت صغيرة بالعمر وبنفس اللحظه قد تغربت عن أهلها ولم تجد من يعلمها ماذا تفعل تعرفت على صديقة لها بالسعودية... عندما كان أبي يضربها فصديقتها لم تنصحها خيراً أبداً... فعرضت عليها بأن تحدث الشباب على التلفون وبأنها يمكن أن تجد الذي لاتجده مع أبي من راحة نفسية... أخي الكبير كان لا يتجاوز 9 من العمر وأختى الكبرى 8 سنوات وأختي الأكبر مني لم تتجاوز 7 سنوات وأنا 6 وبدأنا نكبر ونرى مالا يعجبنا من الطرفين نبكي عندما نجد أبي يضرب أمي ونغضب عندما نجد أمي حاملة التليفون وتتحدث... كبرنا وكبر همنا وأصبحنا عديمي الثقة في النفس وفي غيرنا من البشر... رجعنا إلى أرضنا بفلسطين وحاولنا المعيشة هنا... ولكن أبي قد أصيب بمرض الكانسر بالدماغ... وأمي ما زالت على ما هي عليه... حاولنا أن ندلها على الطريق الصواب وأن نبعدها عن هذه الطريق ولكن دون جدوى... كانت لا تطيق لنا كلمة لدرجة أحياناً الضرب والغضب علينا... توفي أبي الله يرحمه.. وأمي ما زالت على ما هي عليه.. سافر أخي الكبير على السعودية من أجل الرزق ولقمة العيش وبقينا نحن خمس بنات وأمي في بلد... كنا لا نعرف النوم ليلاً من شدة الخوف والتفكير... والآن أصبحنا نفكر كيف لنا أن نجعل أمي تبعد عن هذه الطريق... وبالفعل حاولنا... وذلك عن طريق بعض التهديدات عن الطريق غير المباشر... وأحياناً كنا ندعي المرض.. وأحياناً الهلوسه والجنون لكي تبعد... وكانت تبعد وما نلقى سوى تلك المرأة نفسها ترجع لها أفكارها السامة والآن الحمد الله أصبحت لا تتحدث إلى أحد... الآن أصبحنا نكره كل شيء بالحياة ليس يأسا وإنما مما قد رأينا من خيانة وعنهجيه في هذا الزمن.. سؤالي هل نأثم أنا وإخواني على سكوتنا عن أمي ولأننا لم نخبر أبي وهل نأثم من رب العباد... علماً بأننا كنا نبكي دوماً على ما تفعل أمي... علماً أيضاً بأننا نحن أصبحنا شابات في عمر الزهور وهذا كله لم يؤثر علينا بل جعل كل من يعرفنا يمدح فينا وبأخلاقنا الحميدة... أريد أن أريح نفسي أنا وأخواتي ماذا نفعل الآن وكيف نسير الحياة وكيف لنا أن نزرع الثقه بأنفسنا وبغيرنا من الناس.......... كيف أن ننظر للحياة بنظرة مخالفة عن النظرة الأولى التي زرعها أبي وأمي لنا؟ ودمتم بحفظ الرحمن.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الأم العاصية يجب برها وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر بأسلوب لطيف لا ينافي البر.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن عصيان الأم لا يمنع من برها بل يبقى البر والإحسان إليها واجباً على الأبناء، كما يجب عليهم أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، ولكن بأسلوب لطيف يليق بمقام الأمومة، وقد ذكرت في سؤالك أنكم قمتم بذلك والحمد لله، وكان الأولى بكم حين رأيتم أنها مصرة على غيها أن تسلطوا عليها من يردها أو يذكرها بالله من بطانة أهلها أو من صديقاتها أو من النساء الداعيات الصالحات، أما ادعاء المرض أو الهلوسة والجنون فلا ينبغي ولا يفيد شيئاً، والذي نراه أنه لا إثم عليكم في عدم إخباركم أباكم بحقيقة ما تفعله أمكم لما ذكرتم من شدته ومن ضربه لها، فالمتوقع والحالة هذه أن يزداد الأمر سوءا وتعقيداً.

وأما الآن فقد ذكرت أن أمك أقلعت عما كانت تفعل فاحمدن الله على ذلك وتناسوا الماضي، ولتكن نظرتكن للحياة أنها مزرعة للطاعات، فأقبلن على طاعة الله، فإن السعادة كل السعادة في طاعته سبحانه؛ وتجملن بالأدب والخلق الحسن، وما أحسن ما قال القائل:

كن ابن من شئت واكتسب أدباً * يغنيك محموده عن النسب

وإذا فعلتن ذلك تكتسبن إن شاء الله تعالى الثقة التي تنشدنها في أنفسكن ويثق الناس بكن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني