الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآداب التي ينبغي للضيف مراعاتها

السؤال

ماهي واجباتي تجاه ضيف (مع عائلته المكونة من 5 أفراد تربطنا بها صلة رحم)، يتجاوز الثلاثة أيام في منزلي ويسبب قلقا لكل أفراد عائلتي لسوء طباعه وإصراره على إحراجنا بتعاليقه وتصرفاته وغيبته لنا ولمستوى عيشنا أمام أقاربنا، خاصة وأنه جعل زيارتنا عادة في كل العطل المدرسية ومن دون استئذان، وفي المقابل لا يستضيف أحدا في منزله وإن صادف وذهب أحد من أفراد عائلتي إلى بيته لقضاء عمل في البلدة التي يقطنها ولمدة لا تتجاوز اليوم والليلة، يخلق الأعذار بأنه يجب أن يزور أحدهم أو ما شابه ويتركه ساعات طويلة وحده في منزله ولا يبدي أي مظهر من مظاهر الحفاوة بل بالعكس يتعمد السؤال عن سبب مجيئه ومدة بقائه وتاريخ عودته إلى أهله فيحس بالضيق والإحراج (نفس التصرف مع كل أفراد العائلة الكبيرة)، فأنا أحس بالضيق والقلق، بين صلة الرحم وإكرام الضيف وراحتي في منزلي، وأخاف ان ينفذ صبري وأتصرف بطريقة لا ترضي الله، أنا حقا في إحراج وأتمنى أن تقدموا لنا نصيحة... بارك الله فيكم وأعتذر على الإطالة؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الضيف يجب إيواؤه وقراه ثلاثة أيام فحسب، وما زاد على ذلك فهو صدقة، وهذا خاص بالضيف في البدو، وأما في الحضر فلا يجب له ذلك كما هو رأي أكثر أهل العلم، وقيل بل يستويان، فالأولى هو تضييف ذلك الضيف والإحسان إليه وإن لم يكن هو يفعل ذلك بكم لرحمه وقرابته، ولكن يوعظ ويذكر ليكف أذاه ويغض بصره، فإن تمادى فلا حرج في طرده، لكن برفق وأدب وتلطف.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا أن ذكرنا أحكام الضيافة وحقوق الضيف ومدة الضيافة الواجبة بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 35629، والفتوى رقم: 50538.

والذي نراه في مثل الحال المسؤول عنها أنكم إن استتطعتم أن تحسنوا إلى هذا الضيف متى ما نزل عندكم لرحمه وقرابته فهو الأولى، ولكم نصحه وتذكيره بالحكمة والموعظة الحسنة أن يكف لسانه ويغض بصره ولا يفشي سراً ولا يذيع مكنوناً، فإن تمادى فيما هو عليه مما ذكرت من بذاءة اللسان فلا حرج عليك ألا تؤويه، لكن ليكن صرفه بالمعروف من غير طرد ولا إهانة، فإن الرفق مطلوب شرعاً، وحسن الخلق من الإيمان، وينبغي أن يعتذر منه بأسلوب حسن يطيب به خاطره.

وليس له أن يلج عليكم دون استئذان، وينبغي إعلامه بذلك وبيان أدب الشرع له، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور:27-28}، وأما عدم مكافأته لكم على إحسانكم ورد الجميل لكم فليس ذلك من شيم الكرام وأهل المروءة فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على المكأفاة على المعروف، فقال: ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه النسائي وأبو داود واللفظ له.

ولكن ذلك لا يمنع صلته والإحسان إليه، فالصلة ليست مكافأة وإنما حق لذوي الرحم على رحمه ابتداء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري. وجاء رجل إليه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.

ومعنى قوله تسفهم المل، كما قال النووي: كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني