الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف بالأملاك الموروثة التي يتضرر أصحابها بقسمتها

السؤال

ورثت عن أبى أرضا مع إخواني من أكثر من 16 سنة طلبت من إخواني إعطائي نصيبى رفضوا بحجة أن البيع فيه ضرر والأفضل الانتظار للوقت المناسب ثم عرضوا علي أول الأمر إذ احتجت شيئا الاستدانة منهم بعد عدة سنوات ولما زاد الدين صمموا على أن أرد ثم عرضوا أخذ جزء من نصيبي مقابل الدين رفضت أول الأمر بشدة ثم بدأ السب والإهانة أمام كل الأهل وكتبت لهم ورقة وأنا أبكي وأشعر بالإجبار ببيع هذا الدين مقابل الأرض، مع العلم بأني أرملة وأصرف على أولادي الخمسة وكلهم ما زالوا في التعليم فهل هذا البيع حلال ويجوز لهم إجباري في إتمام البيع رسميا الآن وهم لما أعطوني الفلوس لم يكن فيه موعد محدد للرد بل كانوا يقولون على مهلك وللعلم أخي غير محتاج لأخذ الأرض الآن بل هو يريد فجأة أخذ الدين لضمان حقه؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد نص الفقهاء رحمهم الله تعالى على أن الأملاك التي يتضرر أصحابها بقسمتها فإنها لا تقسم إلا بالتراضي بينهم، ولكن من طلب من شريكه البيع أجبر عليه، فإن لم يفعل باعه عليه الحاكم، جاء في الروض المربع: لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر ولو على بعض الشركاء أو لا تنقسم إلا برد عوض من أحدهما على الآخر إلا برضا الشركاء كلهم، لحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وغيره. وذلك كالدور الصغار، .. والأرض التي لا تتعدل بأجزاء ولا قيمة... ولا يجبر من امتنع منهما من قسمتهما لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر... انتهى مختصراً.

فإذا كانت الأرض التي ورثتموها عن أبيكم لا يمكن قسمتها إلا بالضرر على أحدكم فإنها لا تقسم إلا بالتراضي بينكم أو ببيع بعضكم لبعض، وقد نص الفقهاء أيضاً على أن هذه الأملاك التي يحصل الضرر بقسمتها إذا طلب أحد الشركاء بيعها وقسمة ثمنها لزم بقية الشركاء البيع وأجبروا عليه من قبل الحاكم إن امتنعوا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما لا يمكن قسم عينه إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه بيع وقسم ثمنه وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني وذكره الأكثرون من الأصحاب.. انتهى.

وجاء في الروض المربع: ... ومن دعا شريكه فيها إلى بيع، أجبر، فإن أبى باعه الحاكم عليهما، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما.. والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص القيمة بالقسمة.

ويتلخص من ذلك أنه إذا طلبت الأخت السائلة من إخوانها بيع الأرض المشار إليها لزمهم البيع وقسمة الثمن، وليس لهم الحق في إلزامها ببيع نصيبها فقط لتسديد ما عليها من الديون، وإذا كان إخوتك قد أقرضوك لحاجتك فقد أحسنوا في ذلك، وقد أساؤوا بعدها بالسب والشتم، فينبغي لهم أن يتقوا الله تعالى ويستغفروه، فإن سب المسلم فسوق وعصيان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه البخاري. وكذا التضييق عليك في سداد الدين هو خلاف ما أمر الله به من إنظار المعسر، ثم إننا ننصح برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر في القضية من أصلها، وهل الأرض فعلاً من النوع الذي يتضرر أصحابها بالقسمة، وإذا كانت كذلك فما قيمتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني