الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم التارك لشرط من شروط الصلاة جهلا الإعادة

السؤال

هل يجب على من لا تعلم أن الاحتلام يوجب الغسل قضاء الصلاة، أو التي اغتسلت ثم تذكرت أن بها طلاء أظافر، فهل عليها أن تقضي الصلاة علما بأن ذلك كان منذ سنوات، وما هي الحالات التي توجب قضاء الصلاة ؟

الإجابــة

الخلاصة:

فمن صلت جنبا فقد تركت شرطا من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة، وقد اختلف العلماء فيمن ترك شرطا جهلا بالحكم.. فمنهم من أوجب عليه إعادة الصلاة وهو المفتى به عندنا، ومنهم من لم يوجب عليه إعادة الصلاة إلا صلاة الوقت. وأما نسيان طلاء الأظافر عند الغسل فإن كان ثخينا يمنع وصول الماء فتلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل، وإن كان الطلاء لا يمنع وصول الماء لم يلزمها إعادة تلك الصلوات.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهاهنا مسألتان: الأولى، حكم صلاتها جنبا جاهلة وجوب الطهارة عليها من الاحتلام.

الثانية: حكم غسلها للجنابة إلا موضعا من بدنها نسيانا وليس جهلا، فنقول وبالله التوفيق:

أما المسألة الأولى، فإن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، والفقهاء مختلفون فيمن ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا بحكمه هل تلزمه إعادة ما مضى من الصلوات أم لا؟ فمن العلماء من قال الشروط تسقط؛ كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله تعالى: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ.. فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر، والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء.. انتهى. مختصرا من الفتاوى الكبرى.

ومثله ما ذكر في الفتوى رقم: 104802.

والقول الآخر أن الشروط لا تسقط بالجهل كما لا تسقط بالنسيان. قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ولا تسقط الشروط عمدا أو سهوا أو جهلا.. ومثله في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي الشافعي: .. لأن الشروط لا تسقط بالجهل ولا النسيان.

وعلى هذا، فمن صلى جنبا عن احتلام جاهلا بوجوب الغسل عليه فإن في وجوب قضاء الصلوات عليه قولان، والمفتى به عندنا وجوب الإعادة كما في الفتوى رقم: 19776، فإن كانت كثيرة لا يعلم عددها على وجه اليقين فإنه يقضي ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، وانظر الفتوى رقم: 58935.

وأما المسألة الثانية: فإن كان الطلاء ثخينا بحيث يمنع وصول الماء إلى الأظافر فيلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل الناقص، وإن كان لا يمنع وصول الماء فالغسل صحيح ولا تعيد الصلوات التي صلتها بذلك الغسل، وانظر الفتوى رقم: 67559، والفتوى رقم: 14937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني