الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقليد في دخول وقت الصلاة

السؤال

نريد منكم أن تفتونا في أمرنا ونرجو منكم سعة الصدر.
الفتوى بخصوص وقت صلاة العشاء.
نحن نعيش في شمال ولاية مينيسوتا الأمريكية تقع مدينتنا على خط عرض 45 درجة الشفق يغيب متأخرا في أشهر الصيف نحن نعتمد التقويم في مواعيد الصلاة بسبب طبيعة المدينة الجبلية التي تجعل من الصعب جدا الجزم بغياب الشفق بسبب كثافة الأشجار وبحسب التقاويم الحسابية فإن الصلاة تكون في أشهر الصيف حوالي الساعة الحادية عشرة والربع مساء مسجدنا يبعد وسطيا عن منازل معظمنا ما يعادل حوالي عشرة إلى عشرين دقيقة بالسيارة نصلي المغرب جماعة حوالي الساعة التاسعة والربع ولا يتسنى لأحد حضور العشاء جماعة بسبب تأخر الوقت المشكلة بدأت بأحد الأشخاص الذي يرى بأن الشفق قد غاب طالما لا نستطيع رؤيته بالعين المجردة بغض النظر عن الأشجار وبحسب كلامه فإن صلاة العشاء تبدأ بعد المغرب بقليل وهو لا يقصد بذلك جمع الصلاتين وبذلك لا نحتاج إلا إلى رحلة واحدة إلى المسجد من أجل الصلاتين.
هذا الكلام لا دليل على عدم صحته، لأنه لا دليل أن الشفق لم يغب إلا عن طريق التقاويم المعتمدة.
الكلام لاقى رواجا بسبب أن حضور جماعة العشاء يشكل مشقة من ناحية المسافة التي تعادل أربعين دقيقة ذهابا وإيابا وبسبب غلاء الوقود وبسبب أن أحدنا لن يعود إلى منزله حتى منتصف الليل.
وبسبب الشقاق الحاصل وبعد البحث استند رئيس مجلس المسجد إلى مقالة بهذا الخصوص واتخذ القرار التالي أن الجمع غير جائز في حالتنا بسبب استمرار الوضع ثلاثة أشهر أن صلاة الجماعة أهم من جميع الاعتبارات ووفقا لذلك فإننا نصلي المغرب في موعده ثم نصلي العشاء بعد ساعة من صلاة المغرب.
وسؤالنا هنا هو التالي:
هل فهم رئيس المجلس واستنناجه صحيح؟ وإن لم يكن صحيحا ما الفتوى في أمرنا؟
ثانيا: هل صلاة الجماعة واجبة في حالتي ومنزلي يبعد عشرين دقيقة عن المسجد باعتبار بعد المسافة علما أننا نحرص عليها دائما ولكني أسأل عن الوجوب.
ثالثا: بما أن التقويم يخالف ما اعتمدوه في المسجد وبما أنه لا دليل على غياب الشفق وخطأ التقويم وفي قلبي من التوقيت الجديد شيء فهل أصلي مع الجماعة العشاء أم أصليه وحدي في الوقت الذي لا شك فيه وأدع ما يريبني إلى ما لا يريبني.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}

فلا يجوزُ لأحدٍ أن يصلي الصلاة قبل وقتها إلا لمن أراد الجمع لعذرٍ يبيحه، ووقتُ العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، ويؤيد قول الجمهور حديث: الشفق الحمرة. روي مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أشبه كما قال ابن عبد الهادي، فلا يجوز لكَ أن تصليَ وأنت شاكٌ في دخول الوقت.

قال ابن قدامة: إذا شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن دخوله، أو يغلب على ظنه ذلك. وقال أيضاً: ومن أخبره ثقة عن علم عمل به، لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد كالرواية، وإن أخبره عن اجتهاده لم يقلده واجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه. اهـ

فإذا كنت قادراً على معرفة الوقت بالاجتهاد وجب عليكَ تحري ذلك، وإلا فالواجب عليك أن تقلد من تثق به لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا لم يغلب على ظنك صدقُ هذا المخبر بدخول وقت العشاء لم يجز لكَ تقليده في ذلك ولا الصلاة بخبره، ووجب عليكَ أن تصلي عندما يغلب على ظنك دخول الوقت.

وحرصك على الجماعة أمرٌ تُحمدَ عليه وهي واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا تجب في المسجد عند أكثر العلماء، فإن استطعت أن تصلي جماعة ولو في بيتك لزمك ذلك، ومن يوجبها في المسجد إنما يوجبها في المسجد إذا كان يبلغك صوت المؤذن لو أذن فيه بغير مكبر الصوت، وهذا ما نظنه بعيدا في حالتك هذه، ولكن لا يخفى عليك ما في حضور المسجد من المنافع الدينوية والأخروية وعظم الأجر في الخطوات إليه. فثابر على ذلك وواظب عليه فأجرك على قدر نصبك، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك حرصاً على الطاعة وتحري الحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني