الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعمل حاليا بشهادة تخرجي في مجال الحاسب الآلي وكنت اعمل أولا في البرمجة لمدة قصيرة ثم سافرت إلى الخليج وظروف الحياة أجبرتني على العمل في مجال الصيانة ولكني بعد مرور خمس سنوات على عملي هناك شعرت أن هذا المجال ليس له مستقبل لأن الجميع يعمل فيه من له دراسة وغير الدارس فقررت العودة لمجال البرمجة مرة أخرى لكني احتاج للمذاكرة واسترجاع لمعلوماتي القديمة وأخذت أكثر من كورس ومع ذلك لم استطع التركيز لا اعلم السبب في عدم تركيزي في المذاكرة فقد كان الوقت يضيع بدون مبرر مع العلم أن هذه الدورات اتضح لي فيما بعد انها كانت ناقصة من أمور ودروس هامة وذلك منذ سنة ونصف ومازلت أحاول العودة والمذاكرة من جديد والتحضير لدورة جديدة لكن من خلال مذاكرتي قبلها بفترة حتى لا أفوت شيء وأكون ملما أكثر بالموضوع لكن خلال مذاكرتي أيضا لا استطيع التركيز أيضا والوقت يضيع بدون سبب وكأن البركة نزعت منه علما بأني والحمد لله مصلي وذاكر لله وأصوم متطوعا كثيرا وقد حججت والحمد لله أيضا وأحاول أيضا المواظبة على صلاة الفجر ولكن ليس بانتظام فلا ادري ما السبب في ذلك فقد صليت صلاة الاستخارة هل أكمل في مجال البرمجة أم أظل كما أنا في أول مرة بعدما استيقظت من النوم ما بين الوعي واللا وعي خطرت ببالي فكرة إنشاء موقع جديد فشعرت أنها بشرى خير وبعدها صليت استخارة مرة أخرى أكثر من مرة ومع ذلك كنت لا أجد نفسي مهيئا للمذاكرة إما بضياع الوقت أو لسبب آخر يصرفني عنها كوفاة والدي مؤخرا أثناء نيتي على المذاكرة.
وسؤالي هنا له أكثر من وجهة: هل الاستخارة هنا معناها أني لا يجب أن أكمل في هذا الأمر وان كان لا فما هي أوجه صلاة الاستخارة وما دلائلها على وجوب الفعل أو عدمه أم أنها تعتبر صلاة لطلب العون من الله على انجاز شيء معين؟هل لصلاة الاستخارة أذكار تقال بها وأوقات تصلى فيها لأني كنت أصليها في أوقات مختلفة وليس في وقت معين؟ أرجو منكم الإفادة وإجابتي بوضوح .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمقصود من صلاة الاستخارة أن يطلب العبد من ربه أن يختار له الخير فيما يريد فعله فإن كان خيرا وفقه له وإن كان شرا صرفه عنه، ولا تعني صلاة الاستخارة أنه يجب على المستخير أن يفعل ما استخار فيه ربه ولا أن يتركه وإنا يستخير ثم يفعل ويطرق الأسباب فإن كان الأمر خيرا فسييسره الله له وإن كان شرا سيصرفه عنه وأما أوجه صلاة الاستخارة فكيفيتها أن تصلي ركعتين من غير الفريضة وبعد السلام يدعو بالدعاء المأثور: وهو: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلان أو من فلانة إلخ خير لي في ديني، وإن كنت تعلم أن سفري إلخ.

قال النووي: والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب وبتحية المسجد وغيرها من النوافل انتهى.

وهي مشروعة في أي أمر سواء كان عظيما مهما أم حقيرا.

وقال الحافظ ابن حجر: ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم. انتهى.

واتفقت المذاهب الأربعة على أن الإستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها. أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلى الإستخارة فيها إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج مثلا في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة والرفقة فيه أيرافق فلانا أم لا.

وعلى هذا فالاستخارة لا محل لها في الواجب والحرام والمكروه وإنما تكون في المندوبات والمباحات، والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله لأنه مطلوب وإنما تكون عند التعارض أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه. والمسلم إذا صلى صلاة الاستخارة مضى لما عزم عليه سواء انشرح صدره أم لا.

قال ابن الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه. قال: وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس. وصلاة الاستخارة تصلى في أي وقت إلا أوقات النهي عن أداء النافلة فلا تصلى الاستخارة في وقت النهي

قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين: في غير وقت النهي إلا في أمر يخشى فواته قبل خروج وقت النهي فلا بأس أن يستخير ولو في وقت النهي، أما ما كان فيه الأمر واسعا فلا يجوز أن يستخير وقت النهي فلا يستخير بعد صلاة العصر وكذلك بعد الفجر حتى ترتفع الشمس مقدار رمح وكذلك عند زوالها حتى تزول لا يستخير إلا في أمر قد يفوت عليه. انتهى

وليس لها أذكار معينة فهي ركعتان كسائر الصلاة إلا أنه يدعو بدعاء الاستخارة بعد السلام منها.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني