الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك علاقة بين مقدار المهر ووجوب الزكاة

السؤال

تقدمت لخطبة فتاة، وطلبت مني والدتها مؤخر صداق {كيلو ذهبا} وبعد الاستفسار من بعض الإخوة تبين أن هناك رأيا بأن مؤخر الصداق الشرعي هو 19 مثقال ذهب، فإن تجاوز هذا القدر وبلغ النصاب وجبت عليه الزكاة، كونه دينا مؤجل الدفع. فهل هناك رأي آخر؟ وما هو الراجح من قول جمهور العلماء في هذا الشأن؟ أجيبوني بأسرع وقت رجاء لأن ظرفي صعب جدا، وليس لدي أكثر من يومين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره لك هؤلاء الإخوة من أن الصداق لا يزيد على تسعة عشرة مثقالا؛ لأنه إذا زاد وجبت فيه الزكاة كلام غير صحيح، فإنه لا علاقة بين مقدار المهر وبين مسألة وجوب الزكاة. وقد كان صداق النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية، وهذا أكثر من النصاب الذي تجب فيه الزكاة، فإنها تجب في خمس أواق فصاعدا كما هو معلوم، والصواب أن الصداق لا حد لأكثره لقوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً { النساء:20}.

وإن كان تقليل المهور أولى اتباعا للسنة وتيسيرا لأمر النكاح، واعلم أن الصداق قد يكون أقل من عشرين مثقالا وتجب فيه الزكاة بسببه على المرأة، وذلك بأن يكمل لها النصاب بضمه إلى ما تملكه من ذهب أو فلوس أو عروض تجارة.

وأما زكاة الصداق إذا لم تقبضه المرأة، فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 52766 ، وذكرنا أنه دين على الزوج فتزكيه المرأة في كل حول إذا كان الزوج مليئا باذلا وإلا فإنها تزكيه حين تقبضه.

وذلك لأن الصداق دين، فحكم زكاته حكم زكاة الدين، ومذهب الجمهور أن الدين إن كان على مليء زكاه من له الدين مع ماله، وذهب البعض إلى أنه إن شاء زكاه مع ماله وإن شاء زكاه حين يقبضه لما مضى من السنين، وإن كان الدين على معسر ففيه أقوال: فقول الجمهور أنه يزكيه حين يقبضه لما مضى من السنين، وأبو حنيفة يرى أنه يستقبل به حولا جديدا، وعند مالك أنه يزكيه حين يقبضه لسنة واحدة. قال ابن قدامة مبينا حكم زكاةالصداق المؤجل ومذاهب العلماء فيه: وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة حكمه حكم الديون على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه إذا قبضته أدت لما مضى، وإن كان على معسر أو جاحد فعلى الروايتين واختار الخرقي وجوب الزكاة فيه، ولا فرق بين ما قبل الدخول أو بعده؛ لأنه دين في الذمة فهو كثمن مبيعها، فإن سقط نصفه بطلاقها قبل الدخول وأخذت النصف فعليها زكاة ما قبضته دون ما لم تقبضه لأنه دين لم تتعوض عنه، ولم تقبضه فأشبه ما تعذر قبضه لفلس أو جحد، وكذلك لو سقط كل الصداق قبل قبضه لانفساخ النكاح بأمر من جهتها فليس عليها زكاته لما ذكرنا. وإن كان الصداق نصابا فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة النصف المقبوض؛ لأن الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختص به فاختص السقوط به، وإن مضى عليه حول قبل قبضه ثم قبضته كله زكته لذلك الحول، وإن مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكته لما مضى كله ما لم ينقص عن النصاب وقال أبو حنيفة: لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه لأنه بدل عما ليس بمال، فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كدين الكتابة. ولنا أنه دين يستحق قبضه ويجبر المدين على أدائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع ويفارق دين الكتابة فإنه لا يستحق قبضه، وللمكاتب الامتناع من أدائه، ولا يصح قياسهم عليه فإنه عوض عن مال. انتهى بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني