الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجهر بالتأمين في الجهرية ويسر به في السرية

السؤال

لماذا يقال: آمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة؟ وهل يجب النطق بها بصوت مرتفع؟ وهل يصح قولها سرًّا دون رفع الصوت؟ وبعضهم يقول: يجب نطقها بصوت مرتفع، وبعضهم يقول: يجب عدم نطقها بصوت. أرجو الإفادة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التأمين عند الفراغ من قراءة الفاتحة سنة، وليس واجبًا.

وقد اختلف الفقهاء في الجهر به وعدمه في الصلاة على قولين:

1- يسن إخفاؤه (الإسرار به) في جميع الصلوات -جهرية كانت أو سرية-، وبه قال الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك في إحدى الروايتين عنه.

وعللوا ذلك: بأن التأمين دعاء، فاستحب إخفاؤه، كباقي الأدعية.

2- يسن أن يجهر به الإمام والمأموم فيما يجهر فيه بالقراءة، وإخفاؤه فيما يخفى فيه، وبه قال الإمام الشافعي، وأحمد، ومالك في الرواية الأخرى.

واستدلوا على ذلك بما يلي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آمين"، ورفع بها صوته. رواه الترمذي، وغيره، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتأمين عند تأمين الإمام، فلو لم يجهر به، لم يُعلِّق عليه، كحالة الإخفاء.

والراجح هو الجهر بالتأمين في الصلوات الجهرية، والإسرار به في الصلوات السرية.

ولعل من المناسب أن نشير إلى معنى التأمين، وبعض فضائله، فنقول:

معنى: آمين: اللهم استجب.

ومن فضائله: أنه يوجب إجابة الدعاء، ومحبة الله لقائله، روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم، فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فقولوا: آمين، يجبكم الله. ومعنى يجبكم: يجب دعاءكم.

وروى أبو داود، والنسائي، وأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فقولوا: آمين، يجبكم الله.

ومن فضائله أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه. قال ابن شهاب: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: آمين. رواه البخاري، ومسلم. وفي لفظ: إذا قال أحدكم: آمين، قالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه مسلم.

ومما يدل على مزيته أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول: آمين. رواه ابن ماجه، وصححه العراقي، وغيره. قال الإمام المناوي في فيض القدير: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين) أي: قولكم في الصلاة، وعقب الدعاء: آمين.

كما يستحب أن يختم الدعاء بالتأمين، وأن يكثر منه، فإنه من أسباب الإجابة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم -كما في سنن أبي داود-: إن ختم بآمين، فقد أوجب.

ومما تقدم يعلم سبب قول المسلمين: آمين؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وحث المسلمين عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني