الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاسترسال مع الوساوس من أعظم أسباب الشر

السؤال

أنا فتاة أعاني من الوسواس في الطهارة فأقضي وقتا طويلا في دورة المياه بسبب المبالغة في الاستنجاء و تكرار الوضوء لدرجة أني لا أصلي إلا في آخر الوقت وربما يخرج, وخلال تلك الفترة أخذت في مادة الفقه أحكام المني والمذي و الودي وبعد ذلك أصبت بوسواس في هذة الأحكام فصرت كلما أفكر مجرد تفكير في رجل أو أدنى من ذلك بكثير، مع العلم أني أمنع نفسي من التفكير ولكن دون جدوى فأشك بنزول شيء مني بدون شهوة وبدون تلذذ وفتور، وليس له رائحة الطلع. فأفحص نفسي مرات عديدة فبعض الأحيان أجد شيئا شفافا أو مائلا لصفرة ومرات لا أجد شيئا. فما الواجب علي في هذه الحالة مع العلم أن هذا يحدث معي كل صلاة تقريبا فما الواجب علي؟ وإذا وجب علي الوضوء فهل الوضوء من المذي يجزئ فأصلي به أم أتوضأ وضوء جديدا خاصا للصلاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن هذا الدين يسر، وأن الله تعالى رحيم بعباده لطيف بهم، فلا يكلف نفسا إلا وسعها، فعليك أن تطرحي عنك الوسواس، وأن تؤدي عباداتك بصورة طبيعية، فإن استرسالك مع الوسواس من أعظم أسباب الشر، وهو يفوت عليك مصالح دينك ودنياك، وحسبك أن فضيلة الصلاة في أول الوقت تذهب عليك، بل ربما خرج الوقت وأنت مشتغلة بهذا الوسواس ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا الوسواس من أعظم الأبواب التي يدخل منها الشيطان على العبد ليفسد عليه دينه ودنياه، فالواجب عليك أن تعرضي عن هذا الوسواس، فإذا دخلت الخلاء فاقضي حاجتك واستنجي، فإذا غلب على ظنك أنك قد أنقيت المحل فقومي ولا تكرري الاستنجاء، ثم توضئي ولا تزيدي في غسل العضو عن المرات الثلاث فإن من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، وإذا قال الشيطان لك إنك لم تغسلي هذا العضو أو إن الماء لم يصل إلى ذاك العضو فقولي له بلسان حالك: بلى قد غسلته وبلى قد وصل الماء إليه، فإن الشيطان ليس لك بناصح ولا هو على صحة عبادتك بحريص.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله واصفا علاج الوسوسة: وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد، وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة. انتهى.

فحذار أيتها الأخت الفاضلة من أن يسوقك الشيطان إلى هذه الحال، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 51601.

وأما عن المذي والمني فقد بينا الفرق بينهما في حق المرأة في الفتوى رقم: 45075. فإذا شككت هل خرج منك شيء أو لا فلا تلتفتي إلى هذا الشك وابني على الأصل وهو أنه لم يخرج منك شيء، ولا يلزمك أن تفحصي ولا أن تفتشي عن الأمر فإن ذلك قد يكون استرسالا مع الوسواس، وإذا تيقنت أنه قد خرج منك شيء فإن كان مذيا وهو أبيض رقيق يخرج عند التفكير أو الملاعبة ولا يعقب خروجه الفتور في البدن فعليك أن تطهري المحل وتتوضئي وضوءك للصلاة، وإن كان منيا ومني المرأة رقيق أصفر تشبه رائحته رائحة مني الرجل فالواجب عليك أن تغتسلي، وإن لم يكن أحدهما بأن كان من الإفرازات العادية التي تعرفها النساء والمعروفة عند العلماء برطوبات فرج المرأة فإنها طاهرة على الراجح عندنا ولكنها موجبة للوضوء، والظاهر أن ما ترينه من الإفرازات التي تخرج لغير شهوة هو من هذا النوع.

وانظري لبيان أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها الفتوى رقم: 110928، وإذا شككت هل الخارج منك مني أو مذي فإنك تتخيرين بينهما كما هو مذهب الشافعي وهو الأرفق بالموسوس، وانظري الفتوى رقم: 64005، وإذا توضأت من المذي ثم خرجت منك رطوبات الفرج مثلا فيجب عليك أن تعيدي الوضوء لكون هذه الرطوبات ناقضة للوضوء كما أسلفنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني