الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في انكشاف العورة في الصلاة

السؤال

هناك أمر يضايقني كثيرا ـ وهو أننا سبق أن سمعنا أو قرأنا أن الشخص عندما يلبس سروالا قصيرا فوق الركبة وعليه ثوبه الصيفي ويكون السروال واضحا من وراء الثوب يوشك أن يؤثر ذلك على صحة الصلاة ـ وأمر آخر يضايقني وأربطه بهذا الكلام ـ وهو أنني دائما أحرص على إدخال الفنيلة قبل دخولي في الصلاة وفي مكان مستور عن الناس وعندما تخرج من فوق السروال أحاول إدخالها تحت السروال خشية أن تظهر مؤخرة ظهري وأنا في الصلاة، وخصوصا عند الركوع أو السجود، لكي لا يؤثر هذا على صحة الصلاة، لأن من شروط صحة الصلاة ستر العورة، رغم أنني ألبس ثوبا صيفيا، لأن عورة الرجل من السرة إلى الركبة وأظن أن مؤخرة الظهر تحت السرة.
أفيدونا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته ـ أولا ـ من أن الثوب إذا كان يصف ما تحته من الثياب كان ذلك مؤثرا في صحة الصلاة كلام غير صحيح، بل إن الصلاة تصح في كل ثوب إذا كان لا يصف لون العورة، فإذا كان الثوب لا يصف لون البشرة صحت الصلاة فيه؛ وإن وصف ما تحته من الثياب. قال ابن قدامة في المغني: والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. انتهى.

والواجب على المسلم البالغ أن يستر ما بين سرته وركبته في الصلاة وهذا مذهب الجمهور، ولكن إذا انكشف شيء يسير من العورة عن غير عمد لم يضر وإن طال الزمن وهذا مذهب الجمهور أيضا.

وإذا انكشف من العورة ما ليس بيسير في العرف فبادر إلى ستره قبل تطاول الزمن لم يضر ـ كذلك ـ وكانت الصلاة صحيحة، قال في المغني: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته، نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: تبطل. انتهى.

وقال ـ أيضا: فصل: فإن انكشفت عورته عن غير عمد فسترها في الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل، لأنه يسير من الزمان أشبه اليسير في القدر. انتهى.

وفي الروض المربع: ومن انكشف بعض عورته في الصلاة ـ رجلا كان أو امرأة ـ وفحش عرفا وطال الزمن أعاد، وإن قصر الزمان أو لم يفحش المكشوف ولو طال الزمن لم يعد إن لم يتعمده. انتهى.

قال في الحاشية: لقول عمرو بن سلمة: كنت أؤمهم وعلي بردة صغيرة فكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة: واروا عنا سوءة قارئكم. وفي رواية: فيها فتوق، فكنت إذا سجدت فيها خرج استي. رواه أبو داود وغيره. ولفظ البخاري: تقلصت عني ـ أي ارتفعت إلى أعالي البدن ـ وانتشر ولم ينكر، ولأن ثياب الأغنياء لا تخلو من فتوق، والفقراء من خروق غالبا والاحتراز يشق، فإن تعمد الانكشاف بطلت، لأن التحرز ممكن من غير مشقة، أشبه سائر العورة، قال عثمان: انكشاف العورة فيها ثمان صور: لأن المنكشف: إما أن يكون يسيرا ـ بأن لا يفحش عرفا في النظر ـ وإما أن يكون كثيرا، وعلى التقديرين: إما أن يطول الزمن أو لا، وعلى التقادير الأربع: إما أن يكون عمدا أو لا، ففي العمد بصوره الأربع تبطل الصلاة، وفي غيره تبطل فيما إذا كثر المنكشف وطال زمنه، وفي الثلاث الباقية لا تبطل ـ وهي ما إذا قل المنكشف وطال الزمن، أو قصر أو كثر المنكشف وقصر الزمن ولم يتعمد في الثلاث. انتهى.

وبهذا التقرير تعلم حكم انكشاف شيء من أسفل ظهرك مما هو تحت السرة في الصلاة، وأن المنكشف إذا كان يسيرا لم يضر، وإذا لم يكن يسيرا عرفا وبادرت بستره في الحال لم يضر كذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني