الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في الأخذ من اللحية

السؤال

هل إعفاء اللحية واجب؟ وما معنى حديث: "كان رسول الله يأخذ من طول وعرض لحيته"؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن حلق اللحية محرم عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ووجه عند الشافعية، قال به القفال الشاشي، والحليمي، وصوبه الأذرعي، ومذهب الشافعية المعتمد عندهم، هو الكراهة، وهو الذي نصّ عليه الشيخان: الرافعي، والنووي، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: قال الشيخان: يكره حلق اللحية، واعترض ابن الرفعة في حاشيته الكافية بأن الشافعي -رحمه الله- نصّ في الأم على التحريم، قال الزركشي، وكذا الحليمي في شعب الإيمان، وأستاذه القفال في محاسن الشريعة، وقال الأذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة؛ لغير علة بها.

وأما أخذ ما زاد عن القبضة، فأكثر الفقهاء على جوازه، وعدم كراهته، وروى ابن أبي شيبة في المصنف أخذ ما زاد عن القبضة عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وطاوس، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقال عطاء بن أبي رباح: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية، إلا في حج، أو عمرة. وقال الحسن: كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها. وقال جابر: لا نأخذ من طولها، إلا في حج، أو عمرة. وفي المنتقى: قيل لمالك: فإذا طالت جدًّا. قال: أرى أن يؤخذ منها، وتقصّ. وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويسن أن يعفي لحيته. وقيل: قدر قبضته. وله أخذ ما زاد عنها، وتركه، نصّ عليه. وقيل: تركه أولى.

والخلاصة: أن العلماء اختلفوا في إعفاء اللحية ما هو؟

فقال بعضهم: تركها من غير قص، ولا تقصير؛ حتى تطول، وقال بعضهم: حتى تكون كثيفة، وتغطّي ما تحتها من اللحيين، وإن لم تبلغ القبضة. وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك معروفة، وهي الإعفاء مطلقًا، وهي الأحق بالاتباع.

وأما الحديث المشار إليه في السؤال، فرواه الترمذي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه كان يأخذ من لحيته من عرضها، وطولها. قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عمر بن هارون البلخي، قال العقيلي: لا يعرف إلا به. قال يحيى: هو كذاب، وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: لا أعرف لعمر بن هارون حديثًا لا أصل له، إلا هذا. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات. ويدّعي شيوخًا لم يرهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني