الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإفتاء المعاصر ومدى ملاءمته لواقع الأمة

السؤال

إني طالبة في السنة الرابعة لغة عربية وأدرس في مادة الحضارة مسألة "الإفتاء المعاصر والوعي بالحداثة" ولذلك أرجو من فضيلتكم أن تمدوني بإجابة عن السؤال التالي في أقرب فرصة : ما مدى وعي الإفتاء المعاصر بمستجدات الحداثة اليوم؟ أعني الحداثة الاجتماعية والسياسية والعلمية (الاختلاط بين الجنسين، العولمة والاستنساخ).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الواجب على من يتصدر للإفتاء أن يكون عالماً بما يحدث للناس من أحوال وتغيرات وأعراف تختلف الفتوى باختلافها، وهذا من تمام أداء الأمانة والقيام بواجبه المهني، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/69):ولا يتمكن المفتي والحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً. والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجراً، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله، كما توصل شاهد يوسف بشق القميص من دبر إلى معرفة براءته وصدقه… ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا. ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم، ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله، انتهى.
ونقل عن الإمام أحمد أن الرجل لا ينبغي أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال منها: معرفة الناس.
قال ابن القيم : وأما قوله: الخامسة معرفة الناس، فهذا أصل عظيم يحتاج إليه المفتي والحاكم، فإن لم يكن فقيها فيه، فقيهاً في الأمر والنهي، ثم يطبق أحدهما على الآخر، وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح، فإنه إذا لم يكن فقيهاً في الأمر له معرفة بالناس، تصور له الظالم بصورة المظلوم وعكسه، والمحق بصورة المبطل وعكسه، وراج عليه المكر والخداع والاحتيال، وتصور له الزنديق في صورة الصديق، والكاذب في صورة الصادق، ولبس كل مبطل ثوب زور تحتها الإثم والكذب والفجور، وهو لجهله بالناس وأحوالهم وعوائدهم وعرفاياتهم لا يميز هذا من هذا، بل ينبغي له أن يكون فقيهاً في معرفة مكر الناس وخداعهم واحتيالهم وعوائدهم وعرفياتهم، فإن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد والأحوال، وذلك كله من دين الله كما تقدم بيانه، انتهى. إعلام الموقعين (4/157).
ومن نظر في فتاوى دور الإفتاء المعاصرة، أو في قرارات مجامع الفقه المتعددة رأى اهتماماً كبيراً ببحث قضايا الناس المعاصرة، ومشاكلهم الحادثة، كبحث مسائل التلقيح الصناعي، والاستنساخ، والاختلاط في الجامعات، والعولمة، وقضايا الاقتصاد والمعاملات وغيرها.
ويمكنك الاطلاع على الفتاوى المتعلقة بهذه الموضوعات من خلال البحث الموضوعي في موقعنا هذا، وهو شيء يسير إذا ما قورن بما قدمه العلماء في دار الإفتاء المصرية، أو اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، أو مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أوالتابع لرابطة العالم الإسلامي.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني