الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجوز للمعسر المسألة والاستعانة بأهل الخير

السؤال

هل تجوز مسألة الشخص المعسر شرعا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المسألة لا تحل إلا لثلاثة بشروط معتبرة فيهم، فقد روى مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها قال ثم قال يا قبيصة "إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً". وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع" رواه أحمد وأبو داود.
فدل ذلك على حرمة المسألة إلا لثلاثة: الأول: رجل تحمل حمالة: إما دية وجبت عليه، أو أصلح بين طائفتين متحاربتين بمال أو نحو ذلك، فهذا له المسألة ولو كان غنياً فإنه لا يلزمه تسليمها من ماله.
الثاني: رجل أصابت ماله جائحة أو آفة سماوية أو أرضية أهلكت ثماره أو زرعه إما بالبرد أو بالغرق أو الزلزال أو غير ذلك.
فتحل له المسألة حتى يحصل ما يقوم بحاله ويسد خلته.
وقد حث الإسلام في مثل هذا على التعاون على الخير والبر. قال تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [المائدة: 2].
الثالث: من أصابته فاقة أو حاجة شديدة بعد أن كان غنياً، فهذا تحل له المسألة بشرط أن يشهد ثلاثة من أهل بلده بأنه أصابته فاقة، ويكونون من ذوي العقول لا ممن غلبت عليهم الغباوة والغفلة، وقيل: يكفي في الشهادة على ذلك اثنان قياساً على سائر الشهادات، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم وحملوا الثلاثة في الحديث على الندب، ولا يخفى أن ظاهر الحديث لا يساعد على ذلك فالراجح اشتراط الثلاثة وهذا في حق من كان غنياً ثم افتقر، وأما من كان فقيراً أصلاً ولا يستطيع الكسب فإنه يحل له السؤال وإن لم يشهدوا له بالفاقة، ويقبل قوله لحديث أنس السابق، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " رواه أبو داود والترمذي. فمن ألمت به الصفات المذكورة حلت له المسألة، وعليه أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء والرجاء، وأن يأخذ بأسباب الكسب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني