الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ادعاء النصارى اتباع (عيسى) ادعاء زائف

السؤال

هل يجوز القول للنصراني (مسيحي)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأصل أن تستعمل ألفاظ الشرع فيما يتعلق بالأديان والكتب السماوية، لأن هذه هي الألفاظ المنضبطة التي لا يتطرق إليها أي نوع من المحاذير، لأنها من تنزيل الحكيم الخبير.
ولم يرد في القرآن ولا في السنة إطلاق (المسيحيين) على من يزعمون اتباع المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وإنما ورد إطلاق (النصارى) عليهم ففي القرآن قوله سبحانه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة:18].
وفي السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة". رواه أصحاب السنن بسند صحيح.
وهذا الإطلاق هو الغالب على استعمال السلف وعلماء الأمة، وقد ورد عن بعضهم استعمال ( المسيحيين) فمن ذلك ما جاء في جاء في رسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية لسرجوان لما أرسل إليه يطالبه بفك أسارى المسلمين عنده:

[ بسم الله الرحمن الرحيم من أحمد ابن تيمية إلى سرجوان عظيم أهل ملته ومن تحوط به عنايته من رؤساء الدين وعظماء القسيسين والرهبان والأمراء والكتاب وأتباعهم...]

إلى أن قال: [ أما في الآخرة فإن الله يثيب على ذلك ويأجر عليه وهذا مما لا ريب فيه عند العلماء المسيحيين الذين لا يتبعون الهوى؛ بل كل من اتقى الله وأنصف علم أنهم أسروا بغير حق لا سيما من أخذ غدرا والله تعالى لم يأمر المسيح ولا أحدا من الحواريين ولا من اتبع المسيح على دينه؛ لا بأسر أهل ملة إبراهيم ولا بقتلهم ]. مجموع الفتاوى (28/ 601)

ومن ذلك قول الذهبي في سير أعلام النبلاء، في ترجمة هبة الله ابن صاعد المعروف بابن التلميذ. [المسيحي الطبيب، صاحب التصانيف]. سير أعلام النبلاء (20/ 354).

وقوله في ترجمة محمد بن زكريا الرازي الطبيب: [ وقيل: إن أول اشتغاله كان بعد مضي أربعين سنة من عمره، ثم اشتغل على الطبيب أبي الحسن علي بن ربن الطبري الذي كان مسيحيا]. سير أعلام النبلاء (14/ 354)

بل إن ابن القيم نص على جواز مناداة النصراني بالمسيحي حيث قال في أحكام أهل الذمة (3/ 1322 - 1323): [ وأما أن يخاطب بسيدنا ومولانا ونحو ذلك فحرام قطعا. وفي الحديث المرفوع: " «لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم» ". وأما تلقيبهم بمعز الدولة وعضد الدولة ونحو ذلك، فلا يجوز كما أنه لا يجوز أن يسمى سديدا ولا رشيدا ولا مؤيدا ولا صالحا ونحو ذلك، ومن تسمى بشيء من هذه الأسماء لم يجز للمسلم أن يدعوه به، بل إن كان نصرانيا قال: يا مسيحي يا صليبي، ويقال لليهودي: يا إسرائيلي يا يهودي ].

ومع ما سبق قد عده بعض أهل العم من الألفاظ التي ينبغي اجتنابها وذلك لأمور منها:

أولا: أن هذا اللفظ لم يرد استعماله في القرآن والسنة.

ثانيا: أن انتسابهم إلى عيسى ابن مريم انتساب غير حقيقي، لأنهم على غير سبيله، لذلك سينزل فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية.

والحاصل أن تسميتهم نصارى أسلم وأتبع للوحي، كما أن إطلاق المسيحيين عليهم مستعمل من أئمة يقتدى بهم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني