الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رد حول شبهة الاحتفال بالمولد والاستغاثة

السؤال

لقد ورد عندكم سؤال حول إقامة المولد وكانت الإجابة التحريم والواقع أن إقامة مثل هذه الاحتفالات إنما هي تذكير بشرف هذا اليوم ولا ضير في ذلك بل هو حسن بل ذلك صريح قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وأين هذا من قول المفتي إنها بدعة ولا أدري أهذا هو ضابط معنى البدع؟ ومن ثم فما معنى قول النبي المروي من أنه يأتي إلى السماء الدنيا ويجيب السلام عليه إضافة إلى أنه أمر ليس فيه الاعتقاد به خروجا عن الشريعة وكذلك ما ورد في السؤال عن الاستغاثة به، فماذا يقول عن الذي يستغيث به بما أنه وسيلة إلى الله وقال تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) أهذا شرك وكفر؟ ألا ينبغي التورع كثيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الأمر في مسألة الاحتفال بالمولد على ما قرأت في هذه الفتوى بأدلتها الواردة فيها، وسنكتفي هنا بالرد على ما أوردت من شبهات، فنقول:
أولاً: قولك: إن هذا تذكير بشرف هذا اليوم هذا تحسين عقلي، والأصل في التعبد التوقيف على الدليل الشرعي لحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه أحمد ومسلم عن عائشة رضي الله عنها.
ثم إن هذا القول يلزم منه ألا يكون النبي صلى الله عليه وسلم عالماً بشرف هذا اليوم ولا أصحابه لأنهم لم يحتفلوا به.
ثانياً: قولك: إن هذا حسن. مصادم لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر في صحيح مسلم: "كل بدعة ضلالة". وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: من استحسن فقد شرع.
ثالثاً: إن استدلالك بالآية: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) استدلال في غير محله، لأن من أنزلت عليه هذه الآية لم يفهم منها جواز الاحتفال بمولده ولا صحابته فهموا ذلك، وشعائر الله هي ما ثبت كونه أمراً شرعياً بالدليل من الكتاب والسنة، والمولد أو الاحتفال بالمولد ليس من ذلك.
رابعاً: الحديث الذي أوردته: أنه ينزل إلى السماء الدنيا... فلا ندري من أين أتيت به، وعلى فرض صحته، فإن قائله أعلم بالمراد منه وكذلك صحابته، فلم يفهموا منه جواز الاحتفال بالمولد.
أما مسألة الاستغاثة فالأمر فيها كما ورد في الفتوى، وأما ما أوردت من شبهة فيرد عليها بما يلي:
1- أن هناك فرقاً بين التوسل والاستغاثة، فالتوسل منه ما هو مشروع، كالتوسل بأسماء الله وصفاته، والتوسل بالعمل الصالح، والتوسل بدعاء الرجل الصالح الحي، ومنها ما هو بدعة كالتوسل بالجاه.
والاستغاثة شرك وهي: طلب الغوث فيما لا يقدر على الغوث فيه إلا الله.
2- أن جعل الاستغاثة وسيلة هو من باب شرك الوسائط الذي كان عليه أهل الجاهلية الأولى، كما حكى الله عنهم في سورة الزمر: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3]، وكمـا في سورة يونس: (وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) [يونس:18].
فنصيحتي لك أيها السائل أن ترجع إلى ما كان عليه الصحابة والتابعون من الدين، فقد قال الإمام مالك رحمه الله: ما لم يكن يومئذ ديناً، فلن يكون اليوم ديناً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني