الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين مرض الوسواس في العقيدة والشك المخرج من الملة

السؤال

ما الفرق بين مريض الوسواس القهري في العقيدة، وبين الشك المخرج من الملة؟ ولماذا يُعذر مريض الوسواس القهري بينما كل منهما يحمل نفس الشكوك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هناك فرقا عظيما بين الوسوسة المعفو عنها وبين الشك الموجب للمروق من الملة، فالوسوسة هي خواطر لا تستقر في القلب، ويكون صاحبها كارها لها، وهو في مدافعة لها ومدارءة، فهذه التي لا يؤاخذ بها المسلم، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.

وأما الشك المخرج من الملة: فهو الريب الذي يقر في قلب صاحبه، وينتفي معه التصديق الجازم بخبر الله جل وعلا، قال الكشميري في إكفار الملحدين: للكفر أيضاً أقسام أربعة:

الأول: كفر الجهل، وهو تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً فيما علم مجيئه به مع العلم ـ أي في زعمه الباطل ـ بكونه عليه السلام كاذباً في دعواه، وهذا هو كفر أبي جهل وأضرابه.

والثاني: كفر الجحود والعناد، وهو تكذيبه، مع العلم بكونه صادقاً في دعواه، وهو كفر أهل الكتاب، لقوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ـ وقوله: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ـ وكفر إبليس من هذا القبيل.

والثالث: كفر الشك، كما كان لأكثر المنافقين.

والرابع: كفر التأويل، وهو أن يحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على غير محمله، أو على التقية، ومراعاة المصالح، ونحو ذلك. اهـ.

وقال الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين في كتابه تسهيل العقيدة الإسلامية: كفر الشك والظن: وهو أن يتردد المسلم في إيمانه بشيء من أصول الدين المجمع عليها، أو لا يجزم في تصديقه بخبر، أو حكم ثابت معلوم من الدين بالضرورة، فمن تردد، أو لم يجزم في إيمانه وتصديقه بأركان الإيمان، أو غيرها من أصول الدين المعلومة من الدين بالضرورة، والثابتة بالنصوص المتواترة، أو تردد في التصديق بحكم، أو خبر ثابت بنصوص متواترة مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فقد وقع في الكفر المخرج من الملة بإجماع أهل العلم، لأن الإيمان لابد فيه من التصديق القلبي الجازم الذي لا يعتريه شك ولا تردد، فمن تردد في إيمانه فليس بمسلم، وقد أخبرنا الله تعالى في قصة صاحب الجنة أنه كفر بمجرد شكه في أن جنته ـ أي بستانه لن يبيد: أي لن يخرب ـ أبداً، وشكه في قيام الساعة، حين قال: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً ـ يريد جنته، وحين قال: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ـ فقال له صاحبه المؤمن: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً {الكهف: 35ـ 38} ومن أمثلة هذا النوع: أن يشك في صحة القرآن، أو يشك في ثبوت عذاب القبر، أو يتردد في أن جبريل ـ عليه السلام ـ من ملائكة الله تعالى، أو يشك في تحريم الخمر، أو يشك في وجوب الزكاة، أو يشك في كفر اليهود، أو النصارى. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني