الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحداث المتوالية على الكعبة هل تعارض ما ذكر في القرآن أن الحرم آمن

السؤال

قال تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" أي أن القرآن محفوظ من الله، والآية لم يحدد فيها أي سبب بشري لحفظه، وقال "ولينصرن الله من ينصره"، وقال "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"، وقال "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" والآيات كما يتضح منها تشترط أسبابا للنصر. أي أن القرآن محفوظ بغير سبب، أما النصر فمقرون بأسباب، أتسائل عن الكعبة وحفظها هل هو مقرون بأسباب أم لا؟ وإذا كانت الإجابة نعم فما هي الأسباب في ظل الضعف والهوان الذي تعيشه الأمة الإسلامية؟ وإذا كانت لا فما هو الدليل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنصر الله لأهل الإيمان مشروط بنصرهم لدين الله واستجابتهم لأمره سبحانه، وأما حفظ القرآن فهو بأسباب أيضاً، ولكن هذه الأسباب متحققة بإرادة الله سبحانه فلا تتخلف.

وأما الكعبة، فقد ورد في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة.

وقد هدم عبد الله بن الزبير الكعبة وأعاد بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ثم هدمها الحجاج وبناها على وفق ما بناها أهل الجاهلية.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قيل هذا الحديث يخالف قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً [العنكبوت:67].
ولأن الله حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذا ذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟ وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله، كما ثبت في صحيح مسلم : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله. ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان : لا يعمر بعده أبداً.

وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية، ثم من بعده في وقائع كثيرة أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يحصى كثرة، وقلعوا الحجر الأسود فحولوه إلى بلادهم ثم أعادوه بعد مدة طويلة، ثم غزي مراراً بعد ذلك، كل ذلك لا يعارض قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً [العنكبوت:67]. لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين. فهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: ولن يستحل هذا البيت إلا أهله. فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو من علامات نبوته، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني