الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإكثار من سماع الأشعار الغزلية

السؤال

هل الإكثار من سماع الشيلات المباحة يعتبر مكروها، أو محرما، خاصة الغزلية منها (غزل غير فاحش)؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تعني بالشيلات: التغني بالشعر من غير معازف، فإن الإكثار من الشعر عموما إنشادا، وسماعا، مكروه، ولا يَبْعُدُ أن يَخْرُجَ المُكْثِرَ مِنْهُ إلى الحرام، وانظر الفتوى رقم: 164533 عن خطورة الإكثار من المكروه.

جاء في الموسوعة الفقهية: عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنَ الشِّعْرِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ، وَجَعَلَهُ صِنَاعَةً لَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ، وَشَغَلَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي وَصْفِ الْخُدُودِ، وَالْقُدُودِ، وَالشُّعُورِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ، وَالْخَمْرِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ الإْكْثَارُ مِنَ الشِّعْرِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ؛ لِقِلَّةِ سَلاَمَةِ فَاعِلِهِ مِنَ التَّجَاوُزِ فِي الْكَلاَمِ؛ لأِنَّ غَالِبَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُبَالَغَاتٍ. رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِل عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فَقَال: لاَ تُكْثِرَنَّ مِنْهُ، فَمِنْ عَيْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} قَال: وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأْشْعَرِيِّ: أَنِ اجْمَعِ الشُّعَرَاءَ قِبَلَكَ، وَسَلْهُمْ عَنِ الشِّعْرِ، وَهَل بَقِيَ مَعَهُمْ مَعْرِفَةٌ، وَأَحْضِرْ لَبِيدًا ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّا لَنَعْرِفُهُ وَنَقُولُهُ، وَسَأَل لَبِيدًا فَقَال: مَا قُلْتُ بَيْتَ شِعْرٍ مُنْذُ سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَل يَقُول: { ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}.

وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنَ الْمَذْمُومِ فِي الشِّعْرِ التَّكَلُّمُ مِنَ الْبَاطِل بِمَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَرْءُ، رَغْبَةً فِي تَسْلِيَةِ النَّفْسِ، وَتَحْسِينِ الْقَوْل.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّبَ مِنْ حَلِيلَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الإْخْفَاءُ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ، وَإِلاَّ حَرُمَ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ مِنَ الشِّعْرِ الْهِجَاءُ، وَالشِّعْرُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ ... اهـ.

وإذا كان الشعر مشتملا على غزل، فإنه يحرم إذا كان الغزل بامرأة معينة لا تحل له، ولو لم يكن فاحشا.

وانظر التفصيل في حكم الغزل في الفتوى رقم: 152657 عن شروط جواز إنشاد أشعار الغزل، والاستماع لها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني