الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجب عليك التوبة قبل أن يفجأك الموت

السؤال

أنا أخت متزوجة ولدي طفلان أنا بنت لعائلة غير سنية تركتهم وأصبحت سنية ولكني عاصية لربي مرات أصلي وصاحبة زنا وأتكلم بالهاتف مع الشباب ولدي مشاكل كثيرة بالبيت، زوجي لا يغارعلي وأعطاني حريتي، ومرات يعلم بأنني أكلم شباباً بالهاتف، مللت حياتي وتعبت من الدنيا، وهل تصدقون بأنني لا أحفظ من كتاب الله غير أربع سور قصيرة، الله المستعان وأخاف من ربي لكن نفسي عاصية، لا أعرف ماذا أفعل، أرشدوني فأنا لا أعرف إيش أعمل أرشدوا أختكم لطريق الحق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي قلبك، ويشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ولتعلمي أنه يجب عليك التوبة فوراً مما تقعين فيه من الذنوب قبل أن يفجأك الموت وأنت على هذا الحال الذي لا يرضاه رب العالمين، ولا تتحقق توبتك إلا بالإقلاع عن الذنوب والندم على ما سبق منها، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل وتعينك على ذلك أمور منها:
1- الابتعاد عن رفقاء السوء، لأن رفيق السوء كالجمل الأجرب الذي يخالط الأصحاء، فيعديهم جميعاً، فالعادة أن الأجرب يعدي السليم والصاحب ساحب كما يقولون.
2- البحث عن صحبة صالحة تعينك على الخير، وتحضك عليه، لأن العبد لا يحصل الخير إلا في مواطنه ومع أهله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالط. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
3- المداومة على حضور حلقات العلم والذكر وتلاوة القرآن، في المساجد والمؤسسات الخيرية، واستماع المحاضرات والأشرطة عن طريق الأجهزة المخصصة لذلك، وما أكثرها في هذه الأيام، فإذا امتلأ قلبك وعقلك بالعلم، وقعت خشية الله في قلبك، قال الله عز وجل: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].
ومن المعلوم أن أقصر الطرق إلى الله تعالى وأقربها هي العلم.
4- التخلص من كل وسائل الإعانة على المعصية، كالإنترنت والهاتف ونحوهما، فقد أمر الشرع بهجرة رفقاء السوء، وهذه الأشياء داخلة في رفقاء السوء إذا كانت تعين عليه، فتُهجر من باب أولى.
وراجعي لزاماً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21807، 23243.
وننبه السائلة هنا إلى أمرين مهمين:
الأول: أن النفس إذا تُركت وما تُريد، أهلكت صاحبها، وأردته في مهاوي الهلاك، قال الله عز وجل: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي [يوسف:53].
وقال عز وجل: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:7-8].
ثم أمر بتهذيبها وترويضها على الخير فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].
أي أفلح من زكاها بالطاعات، وخاب من دساها في جهنم بالذنوب والمهلكات، فلا بد لك من مجاهدة النفس بكثرة الفكر في مآل المعصية، وثواب الطاعة، فإن المعصية تذهب لذتها وتبقى تبعتها، والطاعة يذهب تعبها ويبقى ثوابها، وقد روى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا للعرض الأكبر، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا. انتهى، وراجعي الفتوى: 18074.
الثاني: أن باب التوبة مفتوح، ولا يُغلق عن العبد إلا إذا غرغر غرغرة الموت، أو طلعت الشمس من مغربها، ورحمة الله تعالى أوسع من ذنوب العالمين، قال عز وجل: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {الأعراف:156}.

وقال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
وراجعي لزاماً الفتاوى التالية أرقامها: 5450، 20064، 18039.
وأما زوجك الذي يرضى لك الفحش والفجور، فنذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد، ولتعرضي عليه الفتوى: 23775.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني