الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الابتعاد عن الزنا لا يكون إلا على الفور

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الابتعاد عن الزنا تدريجيا أفضل من الانقطاع مرة واحدة؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالزنا من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها بل يجب عليه البعد عن كل الأمور التي تؤدي إليها من نظر أو اختلاط أو محادثة ونحو ذلك، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]، فالنهي عن قربانه أبلغ من النهي عنه. ويجب على من وقع فيه أن يقلع عنه فوراً وأن يتوب إلى الله توبة نصوحا. واعلم أن شؤم الزنا يعم الدنيا والآخرة فإياك وإياه، ولعله من المناسب أن ننقل لك شيئا من كلام ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين، حيث قال: والزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته. ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة. ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين، ومنها ظلمة القلب وطمس نوره، وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له. ومنها الفقر اللازم، وفي أثر يقول الله تعالى أنا الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة . ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين عباده، ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن.. ومنها أن يعرض نفسه لسكنى التنور الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيه الزناة والزواني، ومنها أنه يفارقه الطيب الذي وصف الله به أهل العفاف ويستبدل به الخبيث الذي وصف الله به الزناة، كما قال الله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور:26]. وقد حرم الله الجنة على كل خبيث، بل جعلها مأوى الطيبين لا يدخلها إلا طيب، قال الله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]. ومنها الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلب الزاني وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه، فالعفيف على وجهه حلاوة، وفي قلبه أنس، ومن جالسه استأنس به، والزاني تعلو وجهه الوحشة، ومن جالسه استوحش به. انتهى روضة المحبين ص 361، وللأهمية راجع الفتوى رقم: 5871. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني