الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشرع ممن أعان غيره على الردة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع... وبعد: فهل المعين على الردة مرتد أم هو مرتكب كبيرة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنشكر السائل الكريم على اهتمامه، وهذا السؤال فيه شيء من الإجمال وعدم الوضوح، ومع ذلك فإننا نقول: إن العلماء يقولون: الرضا بالكفر كفر، وقد استندوا في هذه القاعدة إلى آيات من كتاب الله تعالى وأحاديث من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمنها قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:28]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الخطيئة إذا عملت في الأرض كان من غاب عنها ورضيها كمن حضرها، ومن شهدها وسخطها كان كمن غاب عنها وأنكرها. رواه الطبراني في الكبير. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فمن رضي بكفره وكفر غيره، وفسقه وفسق غيره، ومعاصيه ومعاصي غيره، فليس هو متبعاً لرضا الله ولا هو مؤمن بالله، بل هو مسخط لربه، وربه غضبان عليه لاعنٌ له ذام له متوعد له بالعقاب. فإذا كان مجرد الرضا بالكفر يعد كفراً، فمعنى هذا أن من أعان عليه أو دفع صاحبه إليه يكون كافرًا من باب أولى ، هذا وليعلم أن ليس كل إعانة على الكفر تعد كفرا أكبر مخرجا من الملة بل هنالك صور من الإعانة لا يكفر صاحبها كمن أعان على بناء كنيسة وهو إنما فعل ذلك رغبة في المال فمثل هذا لا يقال إنه كافر كفرا أكبر لكن إذا فعل ذلك معتقدا أنه قربة وطاعة لله فهو كافر قال البهوتي في كشاف القناع : وَقَالَ الشَّيْخُ : - يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَنَائِسَ بُيُوتُ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ يُعْبَدُ فِيهَا وَأَنَّ مَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِبَادَةً لِلَّهِ وَطَاعَةً لَهُ وَلِرَسُولِهِ أَوْ أَنَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ أَوْ يَرْضَاهُ ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ وَذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى فَتْحِهَا ) أَيْ الْكَنَائِسِ ( وَإِقَامَةِ دِينِهِمْ وَ ) اعْتَقَدَ ( أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ أَوْ طَاعَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ ) لِتَضَمُّنِهِ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ انتهى ، وننبه السائل الكريم إلى أننا هنا نبين أن هذا العمل كفر من غير تفصيل، ولا يعني هذا الحكم على شخص بعينه؛ لأن الحكم بالكفر على شخص معين حكم قضائي لا يعني المفتي أو الداعية أو غيرهما من عامة المسلمين، وذلك لما يترتب عليه من أحكام في الدنيا والآخرة، فلا بد فيه من التحقيق والبيان، وتوافر الشروط، وانتفاء الموانع، فتكفير الأعيان أمره خطير، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني