الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين متابعة البرامج التي تصاحبها الموسيقى والمواقع المفيدة مع احتمالية وجود المنكر

السؤال

أرجو ألَّا تقوموا بإحالتي إلى فتاوى سابقة؛ لأنِّي أريد السؤال عن الحكم في حالةٍ بعينها، وليس بيان الضابط الذي يحكم المسألة ككل.
أريد أن أسأل عن موقع الفيس بوك، وحكم استخدامه إذا ما ظهرت لي فيه صور نساء، أو أي شيء مُحَرَّمٍ في الصفحة الرئيسة، وهي الصفحة التي يظهر لي فيها آخر ما كتبه أصدقائي، أو عامَّة الناس الذين أقوم بمتابعتهم، والصفحات التي قمت بتسجيل الإعجاب بها، فكلُّ ذلك يظهر لي في الصفحة الرئيسية على الفيس، فهل يجوز لي فتح هذه الصفحة، والتي ربما أشاهد خلالها صور النساء، إذا قام أحد أصدقائي مثلًا بنشر صورته مع والدته، أو أخواته، وغير ذلك؟ وهل يجوز وقتها الدخول على صفحات أصدقائي، الذين ينشرون هذه الصور لمطالعة آخر أخبارهم، وآخر ما كتبوه، وغض البصر بعد النظرة الأولى التي لا أقصدها، خصوصًا أنَّ الأمر سيكون صعبًا للغاية، وربَّما غير ممكنٍ أن يكون كلّ ما يُكتَب ويُنشَر أمامي على الفيس مفيدا أو مباحا، ولا يشتمل على أمورٍ محرمة، ولا يمكن أيضًا بالتأكيد التنبؤ بما سوف يتم نشره، ومن ثم؛ غض البصر عنه قبل رؤيته، فهل يصحُّ اجتناب المحرَّم، والاستفادة من التواصل مع أصدقائي، ومطالعة المفيد من كتاباتهم، أو مطالعة ما يكتبونه بشكلٍ عام، وربما لا يحتوي على إفادة معينة، لكن للتواصل بين الأصدقاء لا أكثر؟ وهل يجوز لي متابعة المواقع المفيدة، التي ربما تحتوي أيضًا على صور نساء، ولكنَّ غرضي يكون البحث عن الشيء المفيد في الموقع لا النظر إلى صور النساء؟ وكذلك المواقع التي تكون فكاهية، ولكنها من الممكن أن تشتمل على صور نساء متبرجات، فما حكم تصفحها للمرح والفكاهة لا أكثر، وليس بغرض النظر إلى المحَرَّم؟ فالحاصل إذن أن تصفُّح الفيس، وصفحات الأصدقاء، والصفحة الرئيسة يصعب جدًّا، بل ربما يستحيل ألاَّ يشتمل على أي مُحَرَّمٍ، ويصعب أيضًا معرفة ما يمكن أن أطالعه على هذه الصفحات، وما يمكن أن يظهر لي فيها؛ لأنَّي أراها للمرة الأولى عندما أقوم بفتحها، فماذا أفعل في هذه الحالة، علمًا أنِّي أقوم باستخدام الفيس في أمورٍ دعويَّةٍ، أو أقوم بنشر صوري عليه، وأحيانًا أقوم بنشر أشياء على سبيل المزاح، ومن الممكن أن أستخدمه أيضًا للتواصل مع أصدقائي، ومطالعة ما يكتبون، ومطالعة ما يتم كتابته على الصفحات الأخرى؟ وما زاد الإشكاليَّة بالنسبة لي، هو أنِّي قد رأيت في فتاوى لكم، تحريمكم لمشاهدة البرامج الدينية، التي من الممكن أن تكون الموسيقى فيها مصاحبة لمادة البرنامج، وعللتم ذلك بأنَّ استماع الموسيقى في هذه الحالة يكون عن قصدٍ واختيار، وليس شيئًا عارضًا، ولكن في فتاوى أخرى رأيتكم تجيزون استخدام المواقع المفيدة على الإنترنت، مع احتمالية وجود صور نساء بها، وقلتم: إنَّ النظرة الأولى معفوٌّ عنها -بإذن الله-، ولا يمكن منع شيء نافعٍ لأجل ذلك، وفي فتاوى أخرى أيضًا قلتم: إنَّ المواقع التي تعرض صور النساء، لا يجوز تصفُّحها، وأنَّ متابعة حساب الفتيات اللاتي يضعن صورهنَّ مُحَرَّمٌ، وهو من الدلالة على المنكر، فأجد في ذلك إشكاليَّةً كبيرةً، في فهم المسألة، فأرجو منكم بيانها بشكل وافٍ شافٍ، وتفصيل القول فيها جزاكم الله كلَّ خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإجمال القول في جواب هذا السؤال أن نقول: الأصل أن ما هو مباح من أنواع المراسلات، وبرامج التواصل، يجوز التعامل معها، واحتمال أن تحتوي هذه المراسلات والمنشورات على صور لا يجوز النظر إليها، لا يلغي حكم الأصل، ولكنه يحتم على المرء الاحتياط والحذر، والعزم على عدم النظر إلى ما لا يحل، إن وجد.

فإن عرف المرء من نفسه الضعف عن هذا، ولم يكن وجود مثل هذه الصور نادرًا، كان عليه أن يتجنب هذه المواقع، ويبحث لنفسه عن وسيلة أخرى للتواصل والترفيه، تكون خالية من مثل هذه المحاذير.

وأما الفرق بين متابعة البرامج التي تصاحب الموسيقى مادتها، وبين متابعة المواقع المفيدة مع احتمالية وجود صور نساء بها، فهو أن هذه الثانية المنكر فيها محتمل، فنبقى على الأصل، مع مراعاة الحال والواقع بعد ذلك، إن حدث ما هو محتمل، فيراعى حكمه عند وقوعه.

بينما الحالة الأولى المنكر فيها حاصل بالفعل، ومن ثم، فهو يؤثر في الحكم ابتداءً، مثلها مثل الحسابات الشخصية للفتيات، والمواقع التي تعرض صور النساء أصالةً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني