الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود الغيبة .. وصحة حديث: لا غيبة لفاسق

السؤال

أسأل عن حدود الغيبة، فأنا مثلاً أتحدث عن شخص قد يكون أخطأ في حقي، أو أنه قام بموقف غير سليم.
أرجو أن يكون الجواب شاملاً للغيبة، وماذا عن صحة هذا الحديث: "لا غيبة لفاسق"؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى حرم الغيبة في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لقبحها وشناعتها. قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً [الحجرات: 12]، وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت. رواه الشيخان عن أبي بكر رضي الله عنه.

وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. وقال صلى الله عليه وسلم:إن أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق. رواه أبو داود وإسناده صحيح.

والأحاديث في هذا كثيرة، وكلها تدل على حرمة الغيبة وعظمها، وكل ذلك صيانة لعرض المسلم، فالواجب الحذر منها والتوبة إلى الله عز وجل ممن وقع فيها.

وقد سبق للشبكة أن أصدرت فتاوى في حكم الغيبة، وهي: 19844، 17373، 29510، فنحيل السائل إليها.

وقول السائل: "أتحدث عن شخص قد يكون أخطأ في حقي...إلخ"، فقد ذكر العلماء رحمهم الله المواطن التي تجوز فيها الغيبة، وجمعها بعضهم في قوله:

والقدح ليس بغيبة في ستة متظلِّم ومعرِّف ومحذِّر

ولمظهر فسقا ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر

وكل هذه لها دلائلها في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وعليه؛ فإذا ظلمك إنسان، فيجوز أن تذكره عند القاضي بما يكره فتقول: فلان ظلمني، فلان أخذ حقي، أو خدعني ونحو ذلك، فهذا لا حرج عليك فيه.

أما أن تتخذ عرضه رمية تتكلم فيه في كل مجلس ونحو ذلك، فهذا حرام ولا يجوز.

وقول السائل: ما صحة هذا الحديث: لا غيبة لفاسق، فهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وضعفه علماء الحديث، قال الإمام أحمد: منكر. وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل. ورواه البيهقي في السنن عن أنس مرفوعاً بلفظ: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. وقال في شعب الإيمان: وفي إسناده ضعف.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (28/219) عن هذا الحديث، فقال: أما الحديث فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال: أترغبون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه يحذره الناس، وفي حديث آخر: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له، وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء، أحدهما أن يكون الرجل مظهراً للفجور، مثل الظلم والفواحش والبدع والمخالفة للسنة...إلخ اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني