الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هي قصة قوم تبع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقوم تُبّع، قوم من أهل اليمن، وهم الذين قص الله تعالى علينا من أخبارهم في سورة سبأ، حيث يقول الله تعالى في شأنهم: لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {سـبأ:15-19}.

وقد وردت الإشارة إليهم في سورة الدخان، حيث يقول الله تعالى منكرًا على المشركين المنكرين للبعث، المكذبين للنبي صلى الله عليه وسلم: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [الدخان:37].

كما جاء الحديث عنهم في سورة (ق) ضمن الذين كذبوا رسل الله تعالى، فحق عليهم عذاب الله تعالى، قال الله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ {ق:12-14}، قال ابن كثير في تفسيره: وقوم تبع كانوا عربًا من قحطان، كما أن هؤلاء (قريشًا) عرب من عدنان، وقد كانت حمير -وهم سبأ- كلما ملك فيهم ملك، سموه تبعًا، كما يقال كسرى لمن ملك الفرس، وقيصر لمن ملك الروم، وفرعون لمن ملك القبط، والنجاشي لمن ملك الحبشة... ثم ذكر ابن كثير، كما ذكر غيره من أصحاب السيرة: أن تبعًا هذا تبع الأوسط، واسمه: أسعد أبو كريب، ملك على قومه ثلاثمائة سنة، وستًّا وعشرين سنة... وهو الذي مر على المدينة، وحارب أهلها، ثم سالمهم، وترك عندهم لوحًا فيه شعر، يذكر فيه أنه مؤمن بالنبي، الذي سيبعث ويهاجر إلى المدينة، فتوارثوه، إلى أن وصل إلى أبي أيوب الأنصاري، وهو الذي نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة مهاجرًا.

وتبع هذا هو الذي كسا الكعبة المشرفة، ودعا قومه إلى الإيمان بالله تعالى، ثم لما توفي عادوا بعده إلى عبادة الأصنام، والنيران، فعاقبهم الله تعالى بما ذكره في سورة سبأ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني