الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من عدم تحريم الاسترقاق

السؤال

لماذا لم تحرم العبودية في الإسلام؟ و كيف يمكن لشخص أن يعاشر جاريته و هو لم يتزوجها؟ أليس لها الحق كبقية البشر أن تختار زوجها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلله كمال العلم والحكمة واللطف والرحمة فهو عليم بشؤون خلقه رحيم بعباده، حكيم في خلقه وتشريعه. فشرع للناس ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وما يكفل لهم السعادة الحقة والحرية والمساواة لكن في نطاق عادل وهدي شامل، وفي حدود لا تضيع معها حقوق الله ولا حقوق العباد. وأرسل بهذا التشريع رسله مبشرين ومنذرين، فمن اتبع سبيله واهتدى بهدي رسله كان أهلاً للكرامة ونال الفوز والسعادة، ومن أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل له ما يكره من قتل أو استرقاق، إقامة للعدل وتحقيقاً للأمن والسلام. ومحافظة على النفوس والأعراض والأموال من أجل ذلك شرع الجهاد أخذاً على يد العتاة وقضاء على عناصر الفساد، وتطهيرا للأرض من الظالمين ومن وقع منهم أسيراً في يد المسلمين كان الإمام مخيراً فيه بين القتل إن فحش شره ولم يرج صلاحه، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه، وبين أن يسترقه إن رأى أن بقاءه بين أظهر المسلمين يصلح نفسه، ويقوم اعوجاجه ويكسبه معرفة بطريق الهدى والرشاد وإيماناً بها واستسلاماً لها. لما يراه من عدل المسلمين معه وحسن عشرتهم وجميل معاملتهم له. ولما يسمعه من نصوص التشريع في أحكام الإسلام وآدابه فينشرح صدره للإسلام ويحبب الله إليه الإيمان ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ، وعند ذلك يبدأ حياة جديدة مع المسلمين يكون بها أهلاً لكسب الحرية بطريق الكتابة كما قال تعالى: ( والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) .[ النور:33]. أو بطريق العتق في كفارة يمين أو ظهار أو نذر ونحو ذلك، أو بطريق العتق ابتغاء وجه الله ورجاء المثوبة يوم القيامة إلى غير ذلك من أنواع التحرير. وبهذا يعلم أن أصل الاسترقاق إنما هو عن طريق الأسر أو السبي في جهاد الكافرين لإصلاح من استرقوا بعزلهم عن بيئة الشر وعيشتهم في مجتمع إسلامي يهديهم سبيل الخير، وينقذهم من براثن الشر، ويطهّرهم من أدران الكفر والضلال ويجعلهم أهلاً لحياة حرة يتمتع فيها بالأمن والسلام ، فالاسترقاق في حكم الإسلام كأنه مطهرة أو سوق حمَّام يدخله من استرقوا من باب ليغسلوا ما بهم من أوساخ ثم يخرجوا من باب آخر في نقاء وطهارة وسلامة من الآفات. فإذا ثبت هذا الحكم الشرعي عُلم أنّ للسيد حقاً في هذه الجارية الثابت رقها من خدمة وغيرها لسيدها. ثم اعلم أن الإسلام لما أباح وطء ملك اليمين رتَّب عليه أحكاما فمن ذلك أنه تصبح هذه الأمَة حرة إذا استولدها ومات عنها، وأولادها يصبحون أحراراً، وأنه بعد ذلك لا يجوز بيعها ما دامت أم ولد، واعلم أيضاَ أنه لا يجوز للحر المسلم أن يتزوج بجارية إلا بشروط ذكرها الفقهاء في كتبهم ومنها: إذا خشي الوقوع في الزنا، وإذا لم توجد حرائر لأن أولاد هذا الحر سيصبحون عبيداً لسيد هذه الجارية، والإسلام يحث على التخلص من هذا الأمر كما هو موضح في الإجابة. وهذا يا أخي الكريم دين الله وشرعه وله الحكمة البالغة (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني