الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجوز تلقيح بويضة الزوجة بنطفة زوجها صناعياً

السؤال

ما حكم الدين في عملية التلقيح الصناعي ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
قال تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً )[ الفرقان : 54 ] . فقد امتن الباري جل وعلا على عباده بالنسب والصهر وعلق بعض الأحكام عليهما ورفع قدرهما، ومن أجل هذه المنة وتلك النعمة كانت المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية التي استهدفتها أحكام الشريعة الإسلامية. ومن أجل ضرورة المحافظة على النسل شرع الله النكاح وحرم السفاح، قال تعالى:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [ الروم : 21 ] . وقال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ) [ الإسراء : 32 ] . ذلك لأن الولد ثمرة الزواج الصحيح ينشأ بين أبويه يبذلان في سبيل تربيته النفس والنفيس، أما ولد الزنا فإنه عار لأمه إذ لا يعرف له أب وبذلك ينشأ فاسداً مفسداً مهملا ويصبح آفة في مجتمعه، وإن كان الفقهاء رحمهم الله قد تعرضوا لهذا النوع من الأولاد تحت عنوان باب اللقيط، وحثوا على العناية به وتربيته لأنه إنسان محترم لا يسوغ إهماله وتحرم إهانته ويجب إحياؤه وذلك ارتقابا لخيره واتقاء لشره. وإذا كان النسب في الإسلام بهذه المنزلة فقد أحاطه كغيره من الأمور بما يضمن نقاءه وطهره ويرفع الشك فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" متفق عليه. المراد بالفراش أن تحمل الزوجة من زوجها الذي اقترن بها برباط الزواج الصحيح فيكون ابنا لهذا الزوج، والمراد بالعاهر الزاني وبهذا الحديث تقررت قاعدة أساسية في النسب تحفظ حرمة عقد الزواج الصحيح فيكون الثبوت أو نفيه تبعاً لذلك. ومن وسائل حماية الأنساب أيضا تشريع الاعتداد للمرأة المطلقة بعد الدخول بها أو حتى بعد خلوته معها خلوة صحيحة شرعاً. كما حرم الإسلام التبني بمعنى أن ينسب الإنسان إلى نفسه إنساناً آخر نسبة الابن الصحيح مع أنه يعلم يقيناً أنه ولد غيره وذلك صونا للإنسان ورعاية لحقوق الأسرة التي رتبتها الشريعة على جهات القرابة. ولا تتخلق نطفة الرجل إلا إذا وصلت إلى رحم المرأة المستعد لقبولها وقد يكون هذا الوصول عن طريق الاختلاط الجنسي الجسدي، وقد يكون عن طريق إدخال نطفة الرجل في رحم امرأة بغير اتصال. وهذا عرف حديثا. عن طريق أخذ نطفة الرجل ونطفة المرأة وتلقيحها خارج رحم المرأة ثم إعادة ذلك إلى رحم المرأة نفسها، أو إلى امرأة أخرى وهو ما يعرف بالأرحام المستأجرة. قال تعالى: ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) [ الإنسان : 2 ] . وقد قرر الأئمة رحمهم الله أن استدخال المرأة مني زوجها في فرجها من غير اتصال جسدي يترتب عليه الآثار الشرعية من عدة ونسب. ومن ذلك نخلص إلى أن التلقيح الصناعي له صور عدة منها ما هو مشروع ومنها ما هو محرم قطعاً ومنها ما هو متردد بين الحل والحرمة. فأما المشروع فهو أن يؤخذ مني الزوج وتلقح به نطفة المرأة في رحم المرأة من غير اتصال جسدي، وكذلك أن يؤخذ مني الزوج ونطفة المرأة فيلقحا خارج الرحم ثم يعاد ذلك إلى رحم المرأة فلا حرج في الصورتين المذكورتين. إذا دعت الضرورة لذلك. وأما أخذ المني من رجل غير زوج المرأة أو نطفة المرأة من غير زوجة الرجل أو أخذ مني الزوج ونطفة الزوجة ووضعهما في رحم امرأة أخرى غير زوجته فلا شك في حرمة ذلك لأنه يفضي إلى اختلاط الأنساب وهو في معنى الزنا، وذلك لانتفاء الحرث في الصور السابقة قال تعالى: (نساؤكم حرث لكم)[البقرة:223]. فإذا حدث حمل بإحدى الطرق المذكورة سلفاً فإن الولد لا يعد ابنا شرعيا ولا يجوز تبنيه. أما إذا كان للرجل زوجتان وإحداهما لا تحمل فأخذت نطفتها ولقحت بمنيه ووضعت في رحم زوجته الأخرى فإن هذه الحالة محل نظر. والعلم عند الله تعالى.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني