الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه

السؤال

أنا شاب عمري 28 سنة مصاب بالشيزوفرينيا منذ سن 12 عاما تقريباً، وقد ابتدأت بأخذ العلاج منذ 14 إلى الآن عانيت ما يعادل أكثر من سرطان هذا باعتراف الأطباء، وحسب اعتقاد الأطباء فإن الشفاء ميؤوس منه والله أعلم، والحمد لله الذي من علي بهذا المرض لأنه حلمي الأول والأخر بأن أكون من المقربين في الجنة، لكن كيف مع كثرة ذنوبي أعني بالنسبة لمن يريد هذه المنزلة العالية وربما أقل إذا عجزت عن ترك ذنوبي الثلاثة الإفراط في التدخين وسماع المعازف ومشاهدة الأفلام الأجنبية كل يوم تقريباً مع أني بعت التلفاز لأسيطر على ما أشاهد من أي مجون وأحب القرآن وكتب الشرع، وأنا هنا مريض وحيد عاجز عن العمل لا أريد الموت إلا مقرباً، وما عدت احتمل الدنيا أريد الحياة الحقيقية مقرباً في الجنة اليوم قبل الغد ما عدت أطيق فراق الحور والقصور، فليتني الآن في المدينة والدجال واقف فأخرج له هل لي أمل أن أدخل الجنة من المقربين قريباً جداً، إذا سألت الله سبحانه مع كل هذه الذنوب هل أنتظر شفاعة معاناتي أم هذا اعتداء في الدعاء ثم يأس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يعجل لك بالشفاء والعافية، واعلم أنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، ومن الدواء استعمال الرقية الشرعية والأذكار المأثورة والإلحاح على الله بالدعاء، موقناً بالإجابة معتصماً بالله متوكلاً عليه متبرئاً من كل حول وقوة لغيره، وأبشر بحسن العاقبة، وننصح في هذا الصدد بالكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة وستجد عندهم إن شاء الله تعالى ما تنتفع به.

وأما ما ذكرت من الذنوب فاعلم أن الذنوب سبب لكل بلاء وشر في الدنيا والآخرة، والآيات في هذا المعنى كثيرة، كقوله تعالى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت:40]، وقوله تعالى: فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ [الأنعام:6]، وقوله تعالى: مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا [نوح:25].

فعليك بالمبادرة إلى التوبة النصوح والإقلاع عن الذنوب إن أردت النجاة يوم القيامة، فضلاً عن أن تكون من المقربين.

وأما معاناتك للمرض فهي سبب لتكفير الذنوب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.

ولكن لا تغتر بذلك، فإن الذنوب إذا اجتمعت على الإنسان أهلكته، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب، كقوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه. رواه أحمد. وقال بعض السلف: المعاصي بريد الكفر كما أن الحمى بريد الموت.

وليس في سؤالك لله الجنة مع صدور الذنوب منك اعتداء في الدعاء، ولكن تجب عليك التوبة كما قدمنا ولا تيأس من رحمة الله، فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26230، 27224، 28748، 26549، 29853.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني