الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علة التفريق بين الإماء والحرائر في الحجاب

السؤال

هناك أقوال لبعض العلمانيين بأن الحجاب لم يفرض وإنما ابتدعه الولاة للتفريق بين الإماء والحرائر
والدليل أن عمر كان يضرب الإماء حين يتحجبن ويقول لهن لم تتشبهن بالحرائر
كيف يكون ذلك لو كان الحجاب مفروضا على الجميع لا فرق بين حرة وآمة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحجاب فرضه الله تعالى في كتابه، كما فرضه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرضه الولاة، ويدل لذلك قول الله تعالى: [وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى] (الأحزاب: 33).

وقوله: [وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ] (النور: 31).

وقوله: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ](الأحزاب: 59).

وقوله صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة. رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني.

ويدل له كذلك عمل نساء السلف، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النساء كن ينصرفن من المسجد بعد صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، وفي الصحيحين أيضا عن عائشة في قصة الإفك أنها لما استيقظت فرأت صفوان بن المعطل خمرت وجهها عنه بجلبابها.

وفي سنن أبي داود عن عائشة أيضا قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله : [وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ] شققن أكثف مروطهن فاختمرن بها. صححه الألباني.

وأما التفريق بين الإماء والحرائر، ففيه رخصة للإماء، لأنهن محتاجات للكشف بسبب الخدمة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير سورة النور أن الحجاب مختص بالحرائر دون الإماء، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز.

واحتج لذلك بقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ](الأحزاب: 59).

وبما جاء في صحيح البخاري عن أنس في قصة صفية بنت حيي لما اصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه.

وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنه لا تكشف الأمة إلا إذا كانت الفتنة بها مأمونة، وذكر أن الإماء الجميلات اللاتي يشترين للتسري بهن يجب غض البصر عنهن توقياً للافتتان بهن، وبهذا يعلم أن أمر الحرائر بالحجاب فرضه الله تعالى ولم يفرضه الولاة، وإن الترخيص للإماء بسبب حاجتهن للخدمة وإذا أدى ذلك لخوف الفتنة، فإنه يجب غض البصر عنهن، وإبعادهن عن الريبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني