الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حد لأجرة الصنائع والحرف

السؤال

هل تحديد قيمة الكشف للطبيب يخضع لاي ضوابط شرعية، وهل لا بد أن يراعي لظروف العامة للمسلمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أنه ليس هناك حد لأجرة الصنائع والحرف، كالفلاحة والزراعة والبناء والطب ونحو ذلك، ولكن إذا كانت بالناس حاجة عامة إلى تلك الصنائع والحرف، ويمتنع أصحابها عن بذلها إلا بما يزيد عن أجرة المثل، فلولي الأمر حينئذ أن يلزم أصحاب الصنائع والحرف بأجرة المثل، وهذا داخل في التسعير الواجب الذي ذهب إليه الحنفية وغيرهم واختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: ..... والمقصود هنا أن هذه الأعمال التي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها غير الإنسان صارت فرض عين عليه لاسيما إن كان غيره عاجزاً عنها، فإذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجباً يجبرهم ولي الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم.

وقال ابن القيم في الطرق الحكمية: .... فالمقصود: أن الناس إذا احتاجوا إلى أرباب الصناعات كالفلاحين وغيرهم -أجبروا على ذلك بأجرة المثل، وهذا من التسعير الواجب، فهذا تسعير في الأعمال.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية -تحت عنوان احتياج الناس إلى صناعة طائفة: وهذا ما يقال له التسعير في الأعمال: وهو أن يحتاج الناس إلى صناعة طائفة كالفلاحة والنساجة والبناء وغير ذلك، فلولي الأمر أن يلزمهم بذلك بأجرة المثل إذا امتنعوا عنه، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، وخلاصة رأي ابن تيمية وابن القيم أنه إذا لم تتم مصلحة إلا بالتسعير سعر عليهم السلطان تسعير عدل بلا وكس ولا شطط، وإذا اندفعت حاجتهم، وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل.

وهذا يدل على أن الحالات المذكورة ليست حصراً للحالات التي يجب فيها التسعير، بل كلما كانت حاجة الناس لا تندفع إلا بالتسعير، ولا تتحقق مصلحتهم إلا به كان واجبا على الحاكم حقا للعامة، مثل وجوب التسعير على الوالي عام الغلاء كما قال به مالك، وهو وجه للشافعية أيضا، وبناء على ما تقدم فاذا كان بالناس حاجة عامة إلى من يعالجهم لنزول وباء أو انتشار مرض ونحو ذلك، وامتنع الأطباء عن بذل الطب الذي يحتاج إليه الناس إلا بما يزيد عن أجرة المثل سعر عليهم الحاكم، ولم يمكن الأطباء من ظلم الناس بأكثر من أجرة المثل ولم يمكن الناس من ظلمهم بإعطائهم دونها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني