الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء للكافر.. ما يجوز منه وما لا يجوز

السؤال

عند رؤيتي لشيء يعجبني ولكن يملكه شخص غير مسلم، كسيّارة على سبيل المثال أو طفل صغير لأبوين غير مسلمين، ماذا أقول لكي لا أحسده، بحسب علمي أنّه لا يجوز الدعاء لغير المسلم بأي شيء إلا أن يهديه الله سبحانه وتعالى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر -والله أعلم- أنه لا حرج في قول المؤمن ما شاء الله لا قوة إلا بالله عند رؤية بعض ما أنعم الله به على الكفار من مال وولد توقياً لإصابته بالعين.

فقد قال المؤمن لصاحبه الكافر المذكورة قصته في سورة الكهف: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: قال المؤمن لصاحبه: ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شيء.

ويدل لهذا عموم ما روي عن أنس مرفوعاً: من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره عين. رواه البزار وابن السني ولكن ضعفه الهيثمي في المجمع.

وفي رواية للديلمي في مسند الفردوس: من رأى شيئاً فأعجبه له أو لغيره فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

ولكن أهل العلم قد عدوا أحاديث الديلمي من الأحاديث الضعيفة إذا انفرد بها.

وأما الدعاء للكفار بالهداية فإنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد دعا لدوس كما في حديث الصحيحين: اللهم اهد دوساً.، ودعا لثقيف كما في الحديث: اللهم اهد ثقيفاً. رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال الأرناؤوط في حديث أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم.

وكان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدب المفرد وصححه الأرناؤوط والألباني.

وأما الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة فلا يجوز اتفاقا؛ لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113]، ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية، وأما الدعاء لهم بكثرة المال والولد وغير ذلك من المصالح الدنيوية فقد اختلف في مشروعيته، كما قال الهيثمي في تحفة المحتاج، وجوزه النووي، وقال المناوي في فيض القدير بجوازه، ذكر ذلك في شرح الحديث: إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا أكثر الله مالك وولدك. وهذا الحديث ضعيف السند فقد رواه ابن عدي وابن عساكر وضعفه الشيخ الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني