الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي: أن الإنسان يعمل المعاصي، وذلك بوسوسة الشيطان، ونحن لا نرى الشياطين، لكن بالنسبة للجن يجب أن يكون جميعهم صالحين بسبب: أنهم يرون الشياطين...أو لأنه ليس هناك أحد يضلهم، فهم الذين يضلون، فلذلك يجب أن يكونوا على أحسن إيمان بالله. فكيف يكونون مشركين وضالين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن للضلال عدة أسباب: فقد يكون منشؤه من هوى النفس الأمارة بالسوء المتبعة للشهوات، كما قال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف: 53].

وقد يكون بسب قرناء السوء، كما في الحديث: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وقد يكون بسبب الغفلة والاغترار بالدنيا، قال الله تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ [الأنعام: 130].

وليس ضلال الجن مرتبطًا بإبليس، وذلك لعدة أمور:

1- أن الطبري في تفسيره ذكر عن قتادة في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [البقرة: 30] ما يفيد أن الجن أفسدوا في الأرض قبل تسلط إبليس على الناس وعزمه على إغوائهم.

2- أن إبليس إنما عزم على إغواء بني آدم، وقد سأل الإنظار لتحقيق ذلك، كما أخبر تعالى عنه بذلك في قوله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:62].

ثم إن ضلال الجن ثابت بعدة أدلة منها: قوله تعالى عنهم في سورة الجن أنهم قالوا: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [الجن: 11].

وقوله تعالى عنهم أنهم قالوا: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ [الجن: 14].

وقد بوب البخاري على ثوابهم وعقابهم فقال: باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم وذكر فيه عدة أدلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني