الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قوله صلى الله عليه وسلم "هم الذين لا يرقون"

السؤال

سؤال عن حديث في صحيح مسلم، هو عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب منهم والذين لا يرقون ما المقصود بهذا؟ أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث الذي أخرجه مسلم وذكر فيه صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة وذكر فيه من صفاتهم لا يرقون.

هذه اللفظة تكلم عليها العلماء فقد نسبها شيخ الإسلام في الفتاوى إلى الوهم والغلط وذكر أن الثابت فقط هو أنهم لا يسترقون

وقد وفق النووي في شرح مسلم بينها وبين الأحاديث المثبتة لمشروعية الرقى في صحيح مسلم، فقال: قوله إن جبرائيل رقى النبي صلى الله عليه وسلم.

وذكر الأحاديث بعده في الرقى وفي الحديث الآخر في الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون.

فقد يظن مخالفا لهذه الأحاديث ولا مخالفة بل المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار والرقى المجهولة والتي بغير العربية وما لا يعرف معناها فهذه مذمومة لا حتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه، وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهى فيه بل هو سنة ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين إن المدح في ترك الرقى للأفضيلة وبيان التوكل والذي فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل.

وبهذا قال ابن عبد البر وحكاه عمن حكاه، والمختار الأول، وقد نقلوا الإجماع على جواز الرقى بالآيات وأذكار الله تعالى، قال المازرى: جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره ومنهى عنها إذا كانت باللغة العجمية أو بما لا يدرى معناه لجواز أن يكون فيه كفر، قال: واختلفوا في رقية أهل الكتاب فجوزها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه، ومن جوزها قال: الظاهر أنهم لم يبدلوا الرقى فانهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه،

وقد ذكر مسلم بعد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اعرضوا على رقاكم لا بأس بالرقى مالم يكن فيها شيء، وأما قوله في الرواية الأخرى يارسول الله إنك نهيت عن الرقى، فأجاب العلماء عنه بأجوبة أحدها كان نهى أولا ثم نسخ ذلك وأذن فيها وفعلها واستقر الشرع على الإذن.

والثاني: أن النهي عن الرقى المجهولة كما سبق.

والثالث: أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة.

وراجع الفتوى رقم: 9468.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني