الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة المرأة التي تعاني من إفرازات كثيرة

السؤال

أحضر درسا دينيا في أحد المساجد عقب صلاة المغرب و يستمر إلى مابعد صلاة العشاء ثم يصلي بنا الإمام بعد الانتهاء..وسؤالي هو أني أعاني من خروج إفرازات تجعلني أتوضأ لكل صلاة..فهل يجوز لي أن أصلي معهم بالوضوء الذي خرجت به من المنزل؟؟؟ علما بأنه يصعب علي الخروج لأتوضأ مرة أخرى ثم أعود نظرا للزحام الشديد وقد يفوتني جزء كبير من الصلاة.
أفتوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء في طهارة رطوبة فرج المرأة وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق، فذهب الحنفية والحنابلة إلى طهارتها، ومحل الطهارة عند الحنفية إذا لم يكن دم، ولم تخالط رطوبة الفرج مذي أو مني من الرجل أو المرأة، وذهب المالكية وأبو يوسف ومحمد من الحنفية إلى نجاسة رطوبة الفرج، وقسمها الشافعية إلى ثلاثة أقسام: طاهرة قطعا وهي ما تكون في المحل الذي يظهر عند جلوس المرأة، وهو الذي يجب غسله في الغسل والاستنجاء، ونجسة قطعا، وهي الرطوبة الخارجة من باطن الفرج، وهو ما وراء ذَكَر المجامع، وطاهرة على الأصح وهي ما يصله ذَكَر المجامع، وفرق بعض أهل العلم كالشيخ ابن عثمين في "الشرح الممتع" بين الرطوبة الخارجة من مخرج الولد وبين الخارجة من مخرج البول، فقال بعدم نجاسة الأولى موافقة لمن ذهب إلى ذلك من الفقهاء، وقال بنجاسة الثانية وهو تفصيل وجيه وهو الذي سرنا عليه في فتاوانا السابقة، وهذا نص كلام الشيخ، قال رحمه الله تعالى : ولبيان ذلك نقول: إن الفرج له مجريان:

الأول: مجرى مسلك الذكر، وهذا يتصل بالرحم ولا علاقة له بمجاري البول ولا بالمثانة، ويخرج من أسفل مجرى البول.

الثاني: مجرى البول، وهذا يتصل بالمثانة، ويخرج من أعلى الفرج، فإذا كانت هذه الرطوبة ناتجة عن استرخاء المثانة وخرجت من مجرى البول فهي نجسة، وحكمها حكم سلس البول.

وإذا كانت من مسلك الذكر فهي طاهرة، لأنها ليست من فضلات الطعام والشراب، فليست بولا، والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل على ذلك، ولأنه لا يلزمه إذا جامع أهله أن يغسل ذكره ولا ثيابه إذا تلوثت به، ولو كانت نجسة للزم من ذلك أن ينجس المني، لأنه يتلوث بها. انتهى.

وكلتاهما تنقض الوضوء لأنه لا يشترط للناقض الخارج من السبيلين أن يكون نجسا ولا توجب الغسل، لأنها ليست من موجباته، وعليه، فيلزم المرأة التي خرج منها شيء من الرطوبة النجسة أن تغسل ما أصاب ثوبها أو بدنها منها، ويستحب إن كانت طاهرة وعليها أن تتوضأ لانتقاض وضوئها بخروج تلك الإفرازات ولو كانت طاهرة كما سبق، إلا إن كانت هذه الإفرازات مستمرة ولا تنقطع فترة يمكنها فيها الطهارة والصلاة، فإن عليها أن تستنجي وتنظف المحل جيدا وتتحفظ بشيء على فرجها، وتتوضأ لكل فريضة ولا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت، فتصلي الفرض وما شاء الله من نوافل، ولا ينتقض الوضوء والحالة هكذا، وإن خرج منها شيء أثناء الصلاة، وأما إن كان هذا السائل أو تلك الإفرازات متقطعة بمعنى أنها تكون في وقت ولا تكون في آخر فعليها أن تؤخر الصلاة إلى وقت انقطاع تلك الإفرازات، إلا أن تخشى خروج الوقت فتصلي ولا يضرها ما يخرج منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني