الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ترك العمل معتقدا أنه سيدخل الجنة فهو جاهل

السؤال

جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوم القيامة سوف يشفع لأمته...حيث يدخل الجنة من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه ذرة من خير. فهل معنى هذا أن الإنسان المسلم من الممكن أن يرتكب ذنوباً كما يشاء، لأنه سوف يشفع له أم ماذا؟ أرجو منكم إفادتي، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وردت أحاديث تدل على أن من مات لا يشرك بالله شيئاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سيشفع فيه، ويخرج من النار بفضل الله تعالى، لكنه صلى الله عليه وسلم أيضاً هو الذي قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى. رواه البخاري.

ومن استرسل في المعاصي فقد عصى الله ورسوله، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله أن يتركوا العمل ويتكلوا على ما قدر لهم من جنة أو نار، نهاهم عن ترك العمل، والاتكال على كتابهم، وقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له. رواه البخاري.

فمن أراد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فليمتثل أمره وليعمل لآخرته.

وقد ذكر العلماء أن الاسترسال في المعاصي والإصرار عليها من أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى، ومن المعروف أن من ساءت خاتمته ومات على الشرك فمصيره الخلود في النار، لا تنفعه شفاعة شافع، لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48].

فمن ترك العمل متكلاً على أنه سيموت مؤمناً، وأنه إن دخل النار فسيخرج منها ولو بعد حين لأنه مؤمن، فإنه جاهل مغرور.
ومن يضمن له الموت على الإيمان وهو مصر على الكبائر، وآمن من مكر الله، والله تعالى يقول: فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف: 99].

ثم إن شيطانه الذي زين له ارتكاب المعاصي والإصرار عليها سيدعوه إلى مفارقة دينه في اللحظات الأخيرة من حياته، وربما أطاعه في ذلك، لأنه تعود على طاعة الشيطان، ومعصية الله تعالى.

ثم إن الاستهانة بعذاب الله للعصاة يوم القيامة، وهو عذاب أليم، قد يمتد إلى فترات طويلة هو نظر من ضعف عقله، ولم يقدر الله حق قدره. وإذا كان المرء لا يطيق أهون عذاب الدنيا لحظات، فكيف بعذاب الآخرة آماداً طويلة؟.

والخلاصة أن الاعتماد على الأحاديث التي تدل على أن من مات لا يشرك الله شيئاً دخل الجنة، وعلى الشفاعة، وأن ترك الشرك كافٍ، واتخاذها ذريعة إلى طرح التكاليف، يستلزم طيَّ بساط الشريعة من أصلها، والخروج من نظام الملة، ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وهذا من أعظم مظاهر مناقضة الشرع، وإبطال مقاصده في العمل والتعبد لله. أجارنا الله من ذلك.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني