الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تختلف عدة المتوفى عنها زوجها باختلاف حالها.

السؤال

ما هي عدة المرأة المتوفى زوجها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها إما أن تكون حاملاً وإما أن تكون غير حامل، فإن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها لعموم قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [الطلاق:4] ولما رواه المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: «أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ - رضي الله عنها - نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ» والحديث في الصحيحين وهذا لفظ البخاري، وفي لفظ له "أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة" وفي رواية عند مسلم: قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حيث وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر.

ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، غير أن هذا الإجماع مسبوق بخلاف مروي عن بعض السلف قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وقد كان بين السلف نزاع في المتوفى عنها أنها تتربص أبعد الأجلين، ثم حصل الاتفاق على انقضائها بوضع الحمل.
وأما إن كانت المتوفى عنها زوجها غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام قال تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً [البقرة:234].

ويجب على المعتدة بالوفاة ترك الزينة والطيب ولبسِ الحلي والملون والمزركش من الثياب والاكتحال، لما في ذلك من الزينة، فقد روى الإمام أحمد في المسند والنسائي في السنن وابن حبان في الصحيح عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ "

ولا تخرج من بيتها إلا لعذر أو حاجة لما روى الإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد في المسند وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال للفريعة بنت مالك بن سنان تستأذنه بعد وفاة زوجها أن ترجع إلى بيت أهلها قال لها: "امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله"

فإن كان لها حاجة جاز لها الخروج من بيتها نهاراً لحاجتها تلك، كخروج لعلاج أو سعي على نفس أو أولاد أو نحو ذلك، لما روى مسلم في صحيحه عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنه قال: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا»

وإن كانت تستوحش في بيت زوجها إذا لم يكن معها فيه أحد أن تذهب إلى من تستأنس معه شريطة أن لا تبيت إلا في بيتها، لما روى البيهقي في السنن الكبرى عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أُحُدٍ فآمَ نِساؤُهُم، وكُنَّ مُتَجاوِراتٍ في دارٍ، فجِئنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فقُلنَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنّا نَستَوحِشُ باللَّيلِ فنَبيتُ عِندَ إحدانا، فإِذا أصبَحنا تبدَّدْنا إلَى بُيوتِنا. فقالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَحَدَّثنَ عِندَ إحداكُنَّ ما بَدا لَكُنَّ، فإِذا أرَدتُنَ النَّومَ فَلْتَؤُبْ كُلُّ امرأةٍ مِنكُنَّ إلَى بَيتِها"

ولها أن تقابل وتحادث من الرجال من كانت تقابلهم وتحادثهم حال حياة زوجها بالضوابط الشرعية المعروفة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني