الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نكاح الزانية بين الجواز وعدمه

السؤال

سؤالي في الآية التي تقول (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) سور النور، من هي التي يمكن إطلاق لفظ الزانية عليها، وهل التي ارتكبت هذا الفعل مرة أو مرتين سواء برضاها أو بعدمه تعتبر زانية ولا يحل الزواج منها أفيدوني مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن ارتكبت الزنى ولو مرة واحدة مختارة غير مكرهة فإنها زانية، وأما إن كانت مكرهة أو مغتصبة فلا تعد زانية، ولها أحكام عند الفقهاء حيث تسمى المكرهة أو المستكرهة.

قال ابن قدامة في المغني: ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم، ولا فرق بين الإكراه بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها، وبين الإكراه بالتهديد بالقتل ونحوه. انتهى.

أما مسألة الزواج من الزانية فمختلف فيه بين العلماء فمنهم من يقول بصحته، ومنهم من يقول بمنعه، وممن قال بمنعه الإمام أحمد، وهو قول يشهد له ظاهر الآية الكريمة: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}، وعليه؛ فلا يجوز لمن علم من امرأة أنها تزني أن يتزوجها إلا بشرطين:

أحدهما: التوبة إلى الله تعالى.

ثانيهما: استبراؤها، فإذا توفر الشرطان جاز الزواج منها، والدليل على وجوب الاستبراء قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة. أخرجه البغوي في شرح السنة، وأبو داود، وقال ابن حجر في التلخيص: إسناده حسن، وصححه الحاكم وقال: على شرط مسلم.

والخلاصة أن الزانية إذا تابت إلى ربها وتحققت براءة رحمها من ماء السفاح جاز نكاحها بأي غرض كان، فإذا فقد أحد الشرطين لم يجز نكاحها، ولو بقصد الستر عليها، والتغطية على عملها القبيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني