الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف يدفع للعمل لا للحزن والجزع

السؤال

أحس بكثير من الأحيان باقتراب أجلي وفي بعض الأحيان أحس أنني سأموت بتلك اللحظة وأحزن عند ذلك لأمرين؛ الأول: لفراقي عن الدنيا وأهلي وأحبتي والثاني: لقلة أعمالي وحسناتي وكثرة سيئاتي ولوحشة القبر وظلمته ووحدته، فأخبرني ماذا أفعل في تلك اللحظة، وكيف أتخلص من الحزن والجزع مع أنني أحسن الظن بربي عز وجل وفي رحمته الواسعة ؟ وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشعور باقتراب الأجل يجلب خشية الله ومراقبته، ويبعث على فعل الخيرات والاستعداد للآخرة والبعد عن المعاصي، ويزهد في الشهوات الفانية، لكن لا ينبغي أن يصل الخوف إلى حد اليأس والانشغال عن الأعمال الأخروية أو الدنيويةالمطلوب تحصيلها، ففي هذه الحالة تجب مجاهدة النفس والجمع بين الخوف والرجاء.

وأفضل ما يعينك على التخلص من الحزن والجزع في تلك الحال تذكرك أن الآجال مغيبة، وأن الإنسان لا يدري متى يأتيه أجله. قال الله تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل: 65} وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {آل عمران: 145} وقال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ {لقمان 34}. قال الإمام الطبري: وما تعلم نفس حي ماذا تعمل في غد، وما تعلم نفس حي بأي أرض تكون منيتها. اهـ.

واجعلي خوفك من الله قوة دافعة للعمل لا للحزن والجزع، فإذا أحسست اقتراب الأجل فأكثري من العمل الصالح والتوبة والإنابة ينشرح صدرك ويذهب حزنك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة. رواه الترمذي وحسنه. قال ابن القيم في الهدي: فأعظم أسباب شرح الصدر التوحيد وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه، ومنها العلم، ومنها الإنابة إلى الله ومحبته بكل القلب ودوام ذكره على كل حال وفي كل موطن، فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ونعيم القلب، ومنها الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا. اهـ. باختصار وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 28929 ورقم: 57104.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني