الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع أغاني الحب والغرام

السؤال

أحدهم يسأل عن حكم بيع كلمات أغان كلها حب وغرام -والله المستعان- وعندما اقترح عليه توظيف تلك "الموهبة" في الأناشيد الإسلامية تعلل بأنه لا يستطيع وأن قريحته لا تجود إلا بكلمات من ذلك القاموس،مع العلم بأنه ينوي التوبة بعد أن يتحصل على حاجته من المال، فماذا تقولون له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك على أمور:

الأمر الأول: حكم شعر الغزل وما شابهه: والجواب عن ذلك أنه جائز بشروط:

أولاً: ألا يكون التغزل بامرأة معينة.

ثانياً: ألا يكون بوصف الأعضاء الباطنة.

ثالثاً: ألا يكون بغلام أمرد.

رابعاً: ألا يشتمل على ما لا يجوز من الكلام.

قال العلامة الشربيني في مغني المحتاج شرحاً لقول الإمام النووي في المنهاج: ويباح قول شعر وإنشاده إلا أن يهجو أو يفحش أو يعرض بامرأة معينة: (أو) إلا أن (يعرض)... (بامرأة معينة). غير زوجته وأمته، وهو ذكر صفاتها من طول وقصر وصدغ وغيرها، فيحرم وترد به الشهادة لما فيه من الإيذاء، واحترز بالمعينة عن التشبيب بمبهمة فلا ترد شهادته بذلك... أما حليلته من زوجته أو أمته فلا يحرم التشبيب بها كما نص عليه في الأم... ويشترط أن لا يكثر من ذلك وإلا ردت شهادته، قاله الجرجاني، ولو شبب بزوجته أو أمته مما حقه الإخفاء ردت شهادته لسقوط مروءته، وكذا لو وصف زوجته أو أمته بأعضائها الباطنة، كما جرى عليه ابن المقري تبعاً لأصله وإن نوزع في ذلك، وليس ذكر امرأة مجهولة كليلى تعيينا. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: والشعر كالكلام، حسنه كحسنه، وقبيحه كقبيحه... والحاجة تدعو إليه لمعرفة اللغة والعربية، والاستشهاد به في التفسير، وتعرف معاني كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويستدل به أيضاً في النسب، والتاريخ، وأيام العرب.

فما كان من الشعر يتضمن هجو المسلمين، والقدح في أعراضهم، أو التشبب بامرأة بعينها، والإفراط في وصفها، فذكر أصحابنا أنه محرم، وهذا إن أريد به أنه محرم على قائله، فهو صحيح، وأما على راويه فلا يصح، فإن المغازي تروى فيها قصائد الكفار الذين هجوا بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك أحد.

الأمر الثاني: حكم بيع شعر الغزل لمن يتغنى به: وذلك جائز بشرط ألا يشتمل التغني به على حرام فيشترط أن يكون التغني به من غير معازف إلا الدف، ويشترط ألا يكون المغني امرأة، ويشترط ألا يؤدي إلى فتنة.

والأمر الثالث: ما ننصح به هذا الشخص:

والذي ننصحه به هو أن يستخدم شعره في خدمة دينه ومن ذلك القصائد التي تدعو للأخلاق والفضائل، والحض على معالي الأمور وسبل النهوض بالأمة، ومن ذلك عمل القصائد للأناشيد الإسلامية، وليجعل نصب عينيه قول الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني