الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقضي المسبوق ما فاته جهرا أم سرا ؟

السؤال

ماكيفية إتمام المسبوق لصلاة العشاء إذا فاتته الركعتان الأوليان ، هل يكمل باقي الركعات جهرا أم سراً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء فيما أدركه المأموم ( المسبوق) من صلاة الإمام، هل هو أول صلاته أو آخرها على ثلاثة أقوال، وسبب اختلافهم في ذلك أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور" فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" رواه البخاري ومسلم. والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته. وفي بعض رواياته: " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا" رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن حبان. والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته. انظر بداية المجتهد (1/361) لابن رشد. وقد أخذ الإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد في المشهور من المذهب برواية "فاقضوا" وأخذ الإمام الشافعي وجماعة برواية (فأتموا) وعمل الإمام مالك بكليهما، فحمل رواية فأتموا على الأفعال ورواية "فاقضوا" على الأقوال، ويمكن تطبيق ذلك على المأموم الذي أدرك ركعة من المغرب مع إمامه فإنه يأتي بركعتين بالفاتحة وسورة فيهما، ويجلس بينهما، فيجمع في حال قضاء ما فاته بين القضاء في الأقوال، والبناء في الأفعال. هذا هو مذهب مالك، وقد ضعفه ابن رشد لأنه يترتب عليه أن يكون بعض الصلاة أداءً وبعضها قضاءً. انظر بدائع الصنائع للكاساني (1/247)، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير (2/10) وحاشية الدسوقي (1/346)، والتمهيد لابن عبد البر (20/234) والمجموع للنووي (4/118) وبناء على ما سبق فإنه من أدرك مع الإمام ركعتين من صلاة العشاء، فإنه يتم صلاته سراً، ويكون ما أدركه مع الإمام أول صلاته. هذا هو الراجح لأمرين: أحدهما: أن رواة "فأتموا" أكثر وأحفظ من رواة "فاقضوا" والثاني: أن القضاء محمول على الفعل لا القضاء المعروف في الاصطلاح، لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء، والعرب تطلق القضاء وتريد به الفعل. قال تعالى: ( فإذا قضيتم مناسككم) [سورة البقرة:200] وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وما فاتكم" دليل أيضاً لأن المعنى: ما فاتكم من صلاتكم أنتم لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها.
غير أننا نقول: من أخذ بالقول الآخر لا ينكر عليه صنيعه لأن الخلاف في هذه المسألة معتبر ولكل وجهة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني