الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المذهب الذي يتبعه العامي وطالب العلم

السؤال

بارك الله فيكم, سؤالي باختصار:
أولا: هل يجب على كل مسلم اتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة، إذا كان الجواب نعم, فكيف يختار، إذا كان الجواب لا, كيف يختار الأحكام، رأي الجمهور؟ أم الرأي الذي تميل وترتاح له النفس؟ أم الرأي الذي تهواه النفس (كيف نحدد إذا كان ارتياحا أو اتباع هوى)؟ هل صحيح أن بعض الأحاديث لم يكن يعلمها الأئمة الأربعة؟ وهذه الأحاديث لها دور في الأحكام والآراء؟
ثانيا: هل صحيح أن كتاب فقه السنة به أحاديث ضعيفة؟ وهل هناك نسخه جديدة بالتصحيحات؟ وما رأيكم في كتاب "الفقه في المذاهب الأربعة" والْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ، لا أدري من أين أبدأ, وكثيرا ما أجد كتبا لكن أجد أيضا كتبا للرد عليها. أرشدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على المسلم طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ {النساء:59}، وقال تعالى: اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ {الأعراف:3}، وإذا أشكل عليه أمر من دينه سأل من يثق بعلمه وورعه من أهل العلم، ومذهبه مذهب من يفتيه إن كان عامياً فالعامي لا مذهب له.

أما إذا كان من طلبة العلم المتبصرين الذين حصلوا من علوم الدليل وعلوم الآلة ما يجعلهم يستطيعون به الوقوف على الأدلة في المسألة والترجيح بينها، فمن وصل إلى هذه المرحلة يلزمه الأخذ بما ترجح عنده من الأدلة بغض النظر عن المذهب الذي يتبعه، وهذه المرحلة يسميها بعض أهل العلم بالتبصر أو الاتباع، وفوقها مرحلة الاجتهاد، فمن وصل إليها واستوفى شروطها لا يجوز له التقليد وإنما يعمل بما ترجح عنده بالدليل، وأما كيفية اختيار المذهب فإن العامي لا مذهب له -كما أشرنا إليه- وإنما مذهبه مذهب من يفتيه، ولكن عليه أن يختار الأعلم والأتقى والأورع حسب وسعه، وكيفية الاختيار لما يذهب إليه طالب العلم -الذي درس أصول الفقه، وعلوم الحديث، وعلوم اللغة..- يجب أن تكون بناء على ما ترجح عنده بالدليل دون اتباع للهوى.

وأما كون بعض الأئمة الكبار فاتتهم بعض الأحاديث فهذا لا مانع منه ولا يقدح فيهم ولا يقلل من شأنهم، ولكنه إذا فات بعضهم لا يمكن أن يفوتهم جميعاً، وبإمكانك أن تطلع على رسالة صغيرة في هذا الموضوع لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعنوان (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) بين فيها أسباب الاختلاف بين الأئمة.

وأما كتاب فقه السنة على أهميته لطالب العلم -فليس كتاب حديث يلتزم بصحة الأحاديث- وإنما هو كتاب فقه يستدل بالأحاديث وغيرها ويذكر أماكنها في كتب السنة لهذا لا مانع أن تكون فيه أحاديث ضعيفة، وقد ألف المحدث الألباني كتاب تمام المنة في تخريج أحاديث فقه السنة، بإمكانك الرجوع إليه لمعرفة ما فيه من الأحاديث الضعيفة.

وأما كتاب الفقه في المذاهب الأربعة للجزيري فهو كتاب جيد على العموم ويمكن لطالب العلم أن يستفيد منه، وأما كتاب المغني فهو كتاب غني عن التعريف ومهم جداً لطالب العلم الذي يهتم بالفقه المقارن وأدلته... وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5812، 17519، 20876، 26350 وما أحيل إليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني