الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة والأكل من ذبائح من يعتقد معتقدات فاسدة

السؤال

أسكن في بعض المناطق التي يكثر فيها من يعتقدون بعض المعتقدات الفاسدة كسب الله وسب الصحابة واعتقاد أن القرآن منه ما هو محرف. فهل يجوز أكل ذبائحهم والصلاة خلفهم أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن من نعمة الله عز وجل علينا أن بين لنا المعالم والحدود والضوابط التي بها يعرف الداخل في الإسلام المعدود من أهله، والخارج عنه المعدود من غيرهم، فمن كان ملتزماً بأحكام الإسلام وشرائعه فله ما للمسلمين، وعليه ما عليهم وهو منهم بلا ريب، سواء كان شخصاً أو طائفة أو جماعة. ومن لم يلتزم بهذا الدين ووقع منه ما يناقضه فقد برئت منه الذمة، وانطبقت عليه أحكام غير المسلمين. ومن هذه النواقض: سبّ الله تعالى. قال إسحاق بن راهويه: قد أجمع العلماء على أن من سبّ الله عز وجل، أو سبّ رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبياً من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله: أنه كافر. نقله ابن عبد البّـر في التمهيد (4/226) ومن هذه النواقض أيضاً: من استهزأ بشيء من دين الله، أو ثوابه، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) [التوبة: 65-66]. ومنها: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له. ومنها: سبّ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فمن سبّهم سبّاً يقدح في عدالتهم ودينهم فهو كافر. وقد سئل الإمام أحمد عمن يشتم أبابكر وعمر وعائشة؟ فقال: ما أراه على الإسلام.
وربما قيل : لماذا كان سبّ الصحابة كفراً؟.
فالجواب هو: أنهم هم حملة القرآن ودعاة الإسلام، رضيهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وزكاهم وطهرهم ورضي عنهم، وأثنى عليهم في كتابه فقال: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) [التوبة:100].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سبّهم فقال: "لا تسبّوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه" رواه البخاري ومسلم، وعند ابن أبي شيبة، وفي كنز العمال: "إن الناس يكثرون وأصحابي يقلون، فلا تسبوا أصحابي، فمن سبّهم فعليه لعنة الله"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، لعن الله من سب أصحابي" رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، غير علي بن سهل وهو ثقة. ومن هنا كان سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جريمة عظيمة، فمن سب الصحابة، وادعى ردة كثير منهم عن الإسلام، أو اعتقد جواز ذلك ـ ولو لم يفعل ـ فهو كافر مرتد عن الإسلام، وكذلك من سبّ الشيخين أبابكر وعمر، وسبّ عائشة ونسب إليها ما برأها الله منه في محكم القرآن، فهو كافر، وكذلك من اعتقد أن المصحف ناقص، أو اعتقد بأن جبريل قد أخطأ في تبليغ الرسالة فهو كافر، وكل من تقدم ذكرهم لا تجوز الصلاة خلفهم ولا تصح. ولا يجوز الزواج منهم، ولا تزويجهم، ولا أكل ذبائحهم، ولا معاملتهم معاملة المسلمين. لكن من ابتلي بالسكن في مناطقهم أو العمل معهم ينبغي أن يتحلى بالحكمة، والحذر من مكرهم وكيدهم، ولا بأس بإلقاء السلام عليهم أورده عليهم إذا كان في ذلك مصلحة، أو رد مفسدة عظيمة قد تلحق المنتسب للسنة. وإذا وجد من ينتسب إلى من يسبون الصحابة ولا يسبهم ولا يعتقد تلك المتعقدات الباطلة فهذا له حكم آخر، حيث يعامل معاملة المسلمين، ولا حرج في الصلاة خلفه، أو أكل ذبيحته.. الخ ، لكن يجب التأكد من ذلك، لقلة هؤلاء. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني