الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفادة صاحب المال الحرام منه عند الضرورة

السؤال

جزاكم الله خيرا على الإجابة على سؤالي في الفتوى رقم 65308, و معذرة في استفساري عن نقطة جاءت في نص ما أفتيتم به, وهي وجوب تخلصي من قسط من مالي , وذلك لما في الأمر من حساسية وصعوبة!! لقد اطلعت على الفتاوى الأخرى التي وجهتموني إليها ولاحظت أنه كلما أفتيتم بوجوب التخلص من مال أو بعضه, فكان ذلك يعزى لأمر محرم في ذاته, كمن يتاجر في الخمر, أو يبيع لحم الخنزير, وما شابه هذا في التحريم الواضح. أما فيما يخص عملي فإني كما ذكرت في سؤالي ملزم كمرؤوس في العمل, بالقيام ببعض المهام المخالفة للشرع على الأرجح: أوضحها العمل على تحضير وبث إعلانات غالبا ما تظهر فيها نساء متبرجات, لكن يلزم هنا توضيح أن هؤلاء النساء غالبا ما تمثلن دور أمهات تحضرن الطعام لأسرهن, فيبقى في الدعايات التي عملت على إيداعها نوع من الاحترام المختلف تماما عن نوع الفحشاء والتبرج المعمول بهما في أفلام الفيديو كليب مثلا والعياذ بالله!! ما أريد قوله هو أن النية التي كنت أعمل بها هي بث إشهارات الغرض منها المساعدة على ترويج لمنتوج حلال أصلا, ولم يكن هدفي أن تشيع الفاحشة في المجتمع!!! فهل لنيتي الحسنة من تقليل في وقع ما حدث مني من خطأ بدون إدراك مني لخطورته? وهل لي من توبة? وهل توبتي تمكنني من التصرف في المال المكتسب من العمل المذكور, خصوصا أنني مقبل على الزواج وكان حرصي في توفير هذا المال هو شراء بيت دون اللجوء إلى قرض ربوي!!! عفوا عن الإزعاج والمرجو من فضيلتكم التدقيق ما أمكن في فتواكم دون التوجيه لفتاوى مشابهة, آخذين بعين الاعتبار ما جئت به من إضافات اليوم. و وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكرت في سؤالك السابق أن الإعلان عن المنتجات له صورتان:

1ـ صورة تظهر فيه النساء المتبرجات في الإعلانات التلفازية وهن يطهين الطعام.

2ـ صورة لشابات متبرجات في محلات كبرى يقمن بتذويق منتجات الشركة لزائري هذه المحلات. وبناء على ذلك فإن حكم المسألة هو ما ذكرناه لك. أما إذا كانت النساء غير متبرجات وكن يلتزمن الأدب الذي دعا إليه الإسلام، فلا مانع من العمل فيه وأخذ الأجر عليه. علماً بأننا أحلناك على الفتوى رقم: 56165، ومفادها أنه يجوز لك أن تأخذ بعض هذا المال المحرم الذي اكتسبته أو أن تأخذه كله إذا كنت فقيراً محتاجاً إليه لبناء بيت أو لزواج تضطر إليه أو لغيرهما من الأموال الضرورية، ونقلنا قول الغزالي بواسطة النووي: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ.

وأما التوبة فبابها مفتوح على مصراعيه: قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى{طـه:82}. وفي الحديث الشريف: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. والتوبة لا تبيح التصرف بالمال المحرم، لأن من شروط صحتها الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، ولكن يباح لك الانتفاع بهذا المال بالوجوه التي بينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني