الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرر الجلوس مع الخطيبة لمعرفة طبعها.. رؤية شرعية

السؤال

نضر الله هذه الوجوه التي جعلها الله أهلا للنظر في الفتوى وفي الرد عليها.شيخنا الفاضل: كثيرة هي تلك الصورة التي تهز الفؤاد، الزوج يقول: (اكتشفت أنها ليست هي التي أريد) الزوجة تقول: (ظهرت فيه صفات لم أكن أراها إلا بعد العقد)، الزوجأن يقولان معا: لا حل إلا الطلاق والانفصال) وبعدها نسمع الأولاد يقولون في حزن وأسى يمزق الأحشاء: (ما ذنبنا نحن الصغار إذ لم يحسن والدانا الاختيار؟!) بالرغم أنه لربما كان الزوج والزوجة ملتزمان بدين الله ولكن اختلاف الطباع والصفات كان المدخل للطلاق أو الخلافات العائلية شيخنا الفاضل محدثكم شاب في بداية العشرين من العمر أنعم الله علي بخطبة فتاة لا ترى فداء لدينها إلا نفسها ودمها، لطيب أخلاقها وحسن تعلقها بربها (كما أحسبها والله حسيبها) فلله الحمد والمنة وأنا لم أنظر إليها إلا مرتين ولوقت قصير في وجود الأهل، وأخشى ان أرى بعد العقد ما لم أره قبله من طباع وصفات، فهل يحل لي أن أجلس معها في وجود الأهل كلهم وبالطبع تكون في كامل حجابها وما أهدف إليه هو معرفة رفيق الدرب الذي سيلازمني طول رحلة الحياة التي ستنتهي إما إلى جنة وإما إلى نار(والعياذ بالله من ذلك) وأنا على يقين من أنني لو تجاوزت شرع الله في أمر من أمور هذا الزواج -والذي أرى فيه نجاتي من الفتن بإذن الله- ستتبعه حتما ولابد عقوبة من رب العزة والجلال لذلك أنا لم أفكر يوماً أن أنطق بكلمة فيها غضب الرب القوي الجبار وكيف ذلك وسياط القلوب أراها تدفع العباد إلى ربهم أرجو الإفادة شيخي المبارك -باذن الله- كنت أتمنى أن أبوح لكم بما في الصدر من كلمات وعبرات، ولذلك أقول ماذا عليكم لو أعطيتمونى الايميل الخاص بفضيلتكم كي أستعين بكم -بعد الله- بكل نازلة تحل بذلكم الشاب أسأل الله أن يجزل لكم العطاء والمثوبة في الدنيا قبل الآخرة،
جزاكم لله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالنظرة المشروعة عند الخطبة الهدف منها تعرف الخاطب على شكل المخطوبة والعكس، وليس الهدف منها معرفة طباع الآخر وأخلاقه، فمعرفة الصفات والطباع لا يتسنى من خلال نظرة أو نظرات، ولا من خلال جلسة أو جلسات، إن معرفة طباع شخص وأخلاقه تحتاج إلى صحبة طويلة ومعاشرة مديدة بكل ظروف الحياة وما فيها من مواقف وأحوال، بل قد قيل إن أخلاق الشخص وطباعه لا تعرف إلا بالسفر معه، وذلك أن السفر يسفر عن أخلاق صاحبه، فكم من شخص نعرفه من زمن ونجتمع به على الدوام، ولكن لا نعرف أخلاقه الحقيقية، لأن الناس يتجاملون ويتصنعون لبعضهم في تعاملهم، ولا تظهر أخلاقهم إلا عند النوائب والملمات كما قال أحدهم:

فما أكثر الإخوان حين تعدهم * ولكنهم في النائبات قليل

إذاً لا سبيل لمعرفة أخلاق الخاطب أو المخطوبة إلا من خلال صحبة طويلة، وهذا لا سبيل إليه قبل الزواج، ولذلك فإن من يتحججون لتبرير العلاقات غير المشروعة في فترة الخطبة بأنها لمعرفة الأخلاق والطباع حجتهم داحضة وتبريراتهم تلك واهية، فإن هذه العلاقات مع ما يقع فيها من انتهاك للأعراض لا تحقق الهدف المبرر لإقامتها وهي معرفة الأخلاق، وذلك أن كل واحد يتصنع للآخر ويظهر أمامه الجميل ويخفي القبيح من أخلاقه وطباعه، حال كل الناس في التعامل بينهم، بل هو بين المخطوبين أشد، ولذلك فالصواب هو أن يسأل كل من المخطوبين عن أخلاق الآخر من خلال من يعرفه ومن عاشره وصحبه، واستشارة أهل الرأي، ومعرفة عائلته من إخوانه وأخواته وأمه وأبيه، مع تحري الدين والخلق الإسلامي، وفي هذا كفاية وغنية عن الأمور الأخرى التي لا تأتي بخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني