الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مداخل الشيطان إلى قلوب بني آدم

السؤال

ما هي مداخل الشيطان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمداخل الشيطان إلى قلوب بني آدم كثيرة جدا، ولذا قال الغزالي: ولو أردت استقصاء جميعها لم أقدر عليه، وهو خير من تتبعها وفصلها وأفرد لها بابا في كتابه إحياء علوم الدين فقال : بيان تفصيل مداخل الشيطان إلى القلب، ثم سرد جملة من أهمها فقال:

اعلم أن مثال القلب مثال حصن والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن فيملكه ويستولي عليه، ولا يقدر على حفظ الحصن من العدو إلا بحراسة أبواب الحصن ومداخله ومواضع ثلمه، ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يدري أبوابه، فحماية القلب عن وسواس الشيطان واجبة وهو فرض عين على كل عبد مكلف، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو أيضا واجب، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، فصارت معرفة مداخله واجبة، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد وهي كثيرة، ولكنا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان.

فمن أبوابه العظيمة الغضب والشهوة فإن الغضب هو غول العقل وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان ومهما غضب الإنسان لعب الشيطان به كما يلعب الصبي بالكرة ..

ومن أبوابه العظيمة الحسد والحرص فمهما كان العبد حريصا على كل شيء أعماه حرصه وأصمه .. ومن أبوابه العظيمة الشبع من الطعام وإن كان حلالا صافيا فإن الشبع يقوي الشهوات والشهوات أسلحة الشيطان.. ومن أبوابه حب التزين من الأثاث والثياب والدار فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالبا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ.. ومن أبوابه العظيمة الطمع في الناس لأنه إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحبب إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى المطموع فيه كأنه معبوده فلا يزال يتفكر في حيلة التودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل للوصول إلى ذلك وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه والمداهنة له بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..ومن أبوابه العظيمة العجلة وترك التثبت في الأمور وقال صلى الله عليه وسلم العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى ..ومن أبوابه العظيمة الدراهم والدنانير وسائر أصناف الأموال من العروض والدواب والعقار..ومن أبوابه العظيمة البخل وخوف الفقر فإن ذلك هو الذي يمنع الإنفاق والتصدق ويدعو إلى الادخار والكنز والعذاب الأليم ..ومن آفات البخل الحرص على ملازمة الأسواق لجمع المال والأسواق هي معشش الشياطين.. ومن أبوابه العظيمة التوصل التعصب للمذاهب والأهواء والحقد على الخصوم والنظر إليهم بعين الازدراء والاستحقار وذلك مما يهلك العباد والفساق جميعا.. ومن أبوابه سوء الظن بالمسلمين.. فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق فهذه بعض مداخل الشيطان إلى القلب ولو أردت استقصاء جميعها لم أقدر عليه وفي هذا القدر ما ينبه على غيره فليس في الآدمي صفة مذمومة إلا وهي سلاح الشيطان ومدخل من مداخله .. فإن قلت فما العلاج في دفع الشيطان وهل يكفي في ذلك ذكر الله تعالى وقول الإنسان لا حول ولا قوة إلا بالله فاعلم أن علاج القلب في ذلك سد هذه المداخل بتطهير القلب من هذه الصفات المذمومة. انتهى منه باختصار شديد، وللاستزادة في ذلك يمكنك مراجعة كتاب الإحياء ج2ص22 وكتاب عدة الإنسان لمعرفة مداخل الشيطان للسيد محمد شريف البرزنجي وانظر الفتويين رقم: 12928، 17070

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني