الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يأخذه الزوج مقابل الخلع

السؤال

جزاكم الله عنا كل خير وبارك الله فيكم, ملحقاً لسؤالي رقم ( 2016085) وردكم وفتواكم رقم ( 72124 ) فقد حاولت قدر جهدي أن أقنع زوجتي بالرجوع إلى البيت وأن نبدأ حياتنا من جديد مبنية على كتاب الله وسنة رسوله ولكن زوجتي وأهلها مصرون على الافتراق والطلاق وإن رفضت أنا الطلاق فهم يصرون على الخلع , سؤالي يا شيخي الفاضل : هذه هي المصاريف الرئيسية التي تكلفتها عند الزواج من هذه المرأة , بناءً على كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ومن باب الحقوق وليس الإحسان , فأنا إن علمت حقوقي وواجباتي فقد سهل عليّ أمر الإحسان إليها ولكنني لا أريد ظلماً لأحد ( لأني أعلم أن الإحسان أن أسامحها بكل ما تكلفت من مصاريف وهذا ما لا أريد فعله بل أريد أخذ حقي وإعطاءها حقوقها ) , ما الذي يجب عليّ أن أطلب من زوجتي وأهلها المُصريّن على الخلع أن يدفعوه وأن يرجعوه , وهذه المصاريف كانت كالتالي , علماً أن هذه المصاريف لا تشمل النفقة الواجبة عليّ أثناء فترة زواجنا :1) 850 دولار تذكرة سفر لبلد الزوجة لكتب الكتاب , علماً أنه لم يكن بالإمكان لها أن تأتي لعمل ذلك وكان لا بد لي من السفر2) 1000 دولار ُمقدّم زواج عند كتب الكتاب 3) 1000 دولار ذهب عند الزواج4) 2500 دولار ثمن أثاث بيت جديد علماً بأن بيتي كان مؤثثاً قبل زواجي وقد جددته وأخوها كان ممن ساعدني في تركيب هذا الأثاث الجديد قبل أيام فقط من قدوم أخته ( زوجتي )5) 1000 دولار لكي تتمكن من السفر من بلدها إلى أمريكا لتلحق بي وتعيش معي6) 2000 دولار دفعتها لها قبل سنتين عندما سافرت مع أختها لزيارة أهلها مع أنني كنت غير موافق على ذهابها7) 2000 دولار أخذتها مني بعد عصيان أمري ورفضها السفر معي والذي بسببه تطلب الخلع , مع علمي التام أن الناشز لا نفقة لها في الشرع وكنت قد أخبرتها بهذا بعد رجوعي من سفري وعصيانها لأمري بالعودة للبيت.
شيخي الفاضل : بالله عليك أفدني ما هي حقوقي وما الذي يحق لي بالشرع أن أطلبه وأسترجعه فأنا لا أريد أن أبغي عليها أو على حقوقها وسأفعل كل ما يرضي الله ورسوله وإذا ما كانت هذه المرأة وأهلها قد خططوا لهذا الزواج من أجل الحصول على الجنسية الأمريكية بالزواج مني فما هو حكم الشرع هنا ؟ أشك في هذا لأن زوجتي قد خرجت من بيتي ولم ترجع بعد إسبوعين فقط من حصولها على الأقامة الدائمة وكانت قد أخبرت أشخاصا أثق بصدقهم أنها لن تنجب مني أبداً لكي لا يكون هناك ما يربطنا معاً وقد أجهضت مرتين بشكل مريب !!! وقولها إنها قد غيرت رأيها بقبول الرحيل معي للعيش في بلدي وإصرارها إما بالعيش في أمريكا أو الرحيل للعيش في بلدها, أرجوكم أن توضحوا لي كلا الأمرين :1) ما الذي أستطيع استرجاعه من مصاريف وتكاليف الزواج. 2) وحكم الشرع فيمن يتزوج لمثل تلك الغاية ؟
وجزاكم الله عنا كل خير .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أخي الكريم أن جمهور أهل العلم على أن الخلع يجوز على الكثير والقليل ، على ما دفعه الرجل لزوجته من المهر وعلى أكثر من ذلك ، وعليه فأي مبلغ يتم الاتفاق عليه قل أو كثر جاز أن يكون عوضا في الخلع تدفعه المرأة للرجل ، قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرا بها وخافا ألا يقيما حدود الله واختلفوا في الخلع على أكثر مما أعطاها فذهب مالك والشافعي إلى جواز الخلع بقليل المال وكثيره وبأكثر من الصداق وبمالها كله إذا كان ذلك من قبلها قال مالك لم أزل أسمع إجازة الفدية بأكثر من الصداق لقول الله تعالى : فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229 } ولحديث حبيبة بنت سهل مع ثابت بن قيس قال فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع وإن كان أكثر من الصداق إذا رضيت بذلك وكان لم يضر بها ، فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه رده ومضى الخلع عليه . أهــ .

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية : ذهب المالكية والشافعية إلى جواز أخذ الزوج عوضا من امرأته في مقابل فراقه لها سواء كان العوض مساويا لما أعطاها أو أقل أو أكثر منه ما دام الطرفان قد تراضيا على ذلك ، وسواء كان العوض منها أو من غيرها ، وسواء كان العوض نفس الصداق أو مالا آخر غيره أكثر أو أقل منه ، وذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها بل يحرم عليه الأخذ إن عضلها ليضطرها إلى الفداء .

وفصل الحنفية فقالوا : إن كان النشوز من جهة الزوج كره له كراهة تحريم أخذ شيء منها ، لقوله تعالى : وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا {النساء: 20 } ولأنه أوحشها بالفراق فلا يزيد إيحاشها بأخذ المال ، وإن كان النشوز من قبل المرأة لا يكره له الأخذ ، وهذا بإطلاقه يتناول القليل والكثير ، وإن كان أكثر مما أعطاها وهو المذكور في الجامع الصغير لقوله تعالى : فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229 } وقال القدوري : إن كان النشوز منها كره له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وهو المذكور في الأصل ( من كتب ظاهر الرواية ) لقوله صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس : أما الزيادة فلا . وقد كان النشوز منها ، ولو أخذ الزيادة جاز في القضاء ، وكذلك إذا أخذ والنشوز منه ، لأن مقتضى ما ذكر يتناول الجواز والإباحة ، وقد ترك العمل في حق الإباحة لمعارض ، فبقي معمولا في الباقي . أهــ .

وأما على القول الثاني : فلا يجوز للرجل أن يأخذ منها أكثر مما دفعه صداقا ومهرا لها ، فلا يدخل في الخلع ما كان غير داخل في المهر كنفقة سفره إليها أو سفرها إليه أو أثاث منزله ، إلا إذا كان تم الاتفاق سابقا عن أن هذه الأمور من المهر .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني