الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدقة في ليلة الجمعة ويومها أعظم ثوابا

السؤال

فضيلة الشيخ ، كما هو معلوم أنَّ تخصيص يوم الجمعة للصيام و ليلته للقيام قد نُهينا عنه ، ولكن يوجد بعض الناس في بلدنا أنهم يخصّون ليلة الجمعة بالصدقة ، ويأتون مثلاً بالطعام إلى المسجد ليأكل الناس بعد صلاة المغرب من ليلة الجمعة وربما الذّين يأكلون هذا الطعام أكثرهم من الأغنياء ، ولا يفعلون ذلك إلا في هذه الليلة، ما رأى فضيلتكم بذلك ؟ وقد نبهتهم أنا يا فضيلة الشيخ أنّ تخصيص يوم للصدقة وإطعام الطعام لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم عند ما نهانا أن نخص يوم الجمعة بصيام و ليلته بقيام، يدخل في ذلك كل عبادة يُخص بها هذا اليوم ، إلاّ ما ورد فيه دليل كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم، ما رأي فضيلتكم في ذلك، هل أنا على صواب أم على خطأ ؟ وجزاكم الله خيراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصدقة في ليلة الجمعة ويومها يكون ثوابها أعظم نظرا لفضيلة ذلك الزمان.

قال ابن القيم في زاد المعاد متحدثا عن خصائص يوم الجمعة:

الخامسة والعشرون: أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع ، كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور. وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره، فيتصدق به في طريقه سرا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصدقة بين يدي مناجاته تعالى أفضل وأولى بالفضيلة. انتهى

وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب وهو شافعي متحدثا عن الجمعة:

ويسن كثرة الصدقة وفعل الخير في يومها وليلتها، ويكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وليلتها لخبر: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي. انتهى.

وفي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش المالكي:

(ما قولكم) في رجل يصنع ذكرا في ليلة الجمعة أو ليلة الاثنين أو نحوهما من الليالي الفاضلة، ويدعو أهل الذكر فهل إذا توجه غيرهم معهم في تلك الليلة بلا دعوة، وأكل مما يجعل لهم فيها كالعك يحرم عليه أفيدوا الجواب ؟ فأجبت بما نصه: الحمد لله، والصلاة، والسلام على سيدنا محمد رسول الله: الطعام المجعول للفقراء الذاكرين خارج مخرج الصدقة على غير معين بحيث يقصد به مخرجه كل حاضر، فيجوز لكل من يحضر معهم تناوله، والله أعلم. انتهى

فتخصيص ليلة الجمعة بإطعام بعض الناس لا بأس به؛ بل هو طاعة يثاب عليها فاعلها.

وكون من يطعمهم من الأغنياء لا حرج فيه لأن صدقة التطوع تباح للغني؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 51694.

وعليه؛ فما شاهدته من إطعام الطعام ليلة الجمعة ليس مثل تخصيصها بالقيام الذي ثبت النهي عنه في الحديث الصحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني