الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التخلص من الوسوسة وجزاء المصدق بالسحر

السؤال

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. ثم بعد، إنني شاب قد لازمتني الوسوسة منذ أكثر من ثماني سنوات، إذ كانت في أول الأمر تتمثل في كثرة الشك في انتقاض الوضوء بالريح ثم تمادت بعد ذلك إلى طريقة الوضوء نفسه (عدد مرات غسل العضو أو هل تم غسله فعلا أم لا) ثم إلى الغسل. ومازالت تشتد بي الوسوسة إلى أن وصلت إلى مسألة طهارة الثوب و البدن ( إثر الخروج من الخلاء - أجلكم الله- إلى درجة أني أصبحت أغتسل أكثر من مرة - وقد تصل إلى ثلاث مرات- في اليوم الواحد) ثم في طريقة غسله – أي الثوب. ولا زلت أغلق بابا من هذه الأبواب (فقد وجدت ولله الحمد لبعض ما ذكرت حلولا ونصوصا تخفف عني الكثير من العبء) أو أكاد أغلقه حتى ينفتح آخر غير أن هذه المرة انقطعت بي الوسوسة إلى ترك الكثير من الأمور وحتى الأشخاص خوفا من تربية الكلاب - أجلكم الله- عند بعض الناس. وتتمثل هذه الوسوسة الأخيرة في أن بعض الناس لا تتحرز من لمس الكلاب أينما كان في أبدانها –أي في أبدان الكلاب- ولا تتوقى ريقها مما جعلني من كثرة خوفي من هذا الأمر لا أستطيع أن أتعامل مع أي شخص في بيته كلب سواء عليه أباشره باللمس أم لا، و سواء عليه احترز من ريقه أو لم يفعل، أوأن أستعمل أي شي من بيته، وهذا ينطبق لدي مع من سبق له أن قام بتربية كلب في بيته في السابق ثم تخلص منه ولو منذ سنين خلت. ثم لم يفتأ الشيطان –لعنه الله- يضخم الأمور حتى أصبحت أغتسل إثر كل ركوب في وسائل النقل العامة أو أغسل يدي إثر مصافحتي لأحد الأشخاص من مربي الكلاب - أو ممن سبق لهم تربيتهم- سبعا أو أكثر وربما كل بدني. ولذا فقد أصبحت مؤخرا أتضايق من لمس النقود (المال) ومن قدوم بعض الناس الذين يأتون من بعض الدول الغربية (كفرنسا) حتى ولو لم يكونوا من مربي الكلاب وكذلك من استعمال كل ما يأتي من الغرب من حواسيب (حتى حاسوبي الشخصي) وغيرها، مع العلم بأني قد تخرجت السنة الماضية بشهادة مهندس في الاتصالات –ولله الحمد- أي أنه يتوجب علي استعماله (الحاسوب) –إن شاء الله- في إطار العمل. ختاما ومع اعتذاري الشديد على الإطالة، إنني أحس أنني أعاني من مس شيطاني أو من عين أو ربما من سحر- والله أعلم- نظرا لوجود بعض العداء والبغضاء من بعض الأقارب وبعض الجيران، مع العلم أنني وإخوتي –ما شاء الله ولا قوة إلا بالله- من المتميزين بين الأهل والجيران في الدرجة العلمية (علوم الدنيا).هذا وقد قرأت من كتاب "وقاية الإنسان من الجن و الشيطان" للشيخ وحيد عبد االسلام بالي –جزاه الله خيرا عن كتابه خير الجزاء- إذ لا حظت وجود العديد من الأعراض مما ذكرت آنفا من مس أو عين أو سحر، ولعل هذا الأمر يعزز الوسوسة لدي –كفاكم الله شرها.
السؤال الأول :كيف أستطيع –أصلحكم الله- العودة إلى آنف نشاطي والتخلص من الوسوسة لا سيما أنها قد صدتني عن كثير من الصلوات في المسجد جماعة أو عن مساعدة بعض الناس- تحرزا من الكلاب- وكذلك إلى توتر علاقتي بأبي ( إذ إني لا أخرج إلا نادرا من البيت للصلاة في المسجد وللبحث عن عمل وذلك مما ألم بي من اجتماع الوسوسة والتوتر الدائم والخمول على غير ما كنت عليه) ؟ الرجاء الدليل الشافي حتى أتمكن من سد الذريعة أمام الشيطان.
السؤال الثاني :وما المقصد من قول النبي صلى الله عليه و سلم بالمصدق بالسحر في حديثه:"ثلاثة لا يكلمهم الله...والمصدق بالسحر.." ؟ مع الرجاء تعميم النفع لدي ببعض المعلومات والمسائل عن عالم الجن والرقى الشرعية ؟
الرجاء معذرتي عن هذا الإسهاب وعن هذه الإطالة وجزاكم الله خير الجزاء ورفعكم إلى مراتب الشهداء وجوار الأنبياء في جنات العلا. اللهم اكتب لمن قرأ رسالتي هذه أو لمن استمع له أو أعان على خير فيها خيرا، و اغفرلي وله ولوالدي ولوالديه ولأمة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله و صحبه وسلم تسليما. آمين آمين آمين يا رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن الوسواس –كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه ... فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب. اهـ

وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه والعياذ بالله، ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها: الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان.

وكنا قد بينا من قبل ماهية الوسواس القهري وعلاجه، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 3086.

وفيما يتعلق بموضوع الكلاب، فالذي ننصحك به هو أن تقلد من يقول بطهارتها، وليس ذلك لأننا نرجح طهارة الكلاب، فالذي عليه جمهور أهل العلم، وهو الراجح عندنا هو أن الكلاب نجسة.

ولكنا ننصحك بذلك لسببين اثنين هما:

1. أن الذين يقولون بطهارة بدن الكلب وسؤره هم المالكية، ومذهبهم هو المذهب المتبع في بلدك.

2. أن من واجبك الإعراض عن هذه الوساوس لأن مجاراتها تزيدها استحكاما، والأخذ بالمذهب المذكور يعتبر إعراضا عنها وعلاجا لها.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك الثاني، فإن الحديث الذي أوردت جزءا منه لم نقف عليه باللفظ الذي أوردته، والذي وقفنا عليه هو ما رواه أبو موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر. رواه ابن حبان وغيره. وهو صحيح لغيره.

ومعنى المصدق بالسحر واضح، يعني أنه لا يجوز تصديق السحرة بما يقولونه، لأنهم في الغالب يكذبون فيما يخبرون به ويأتون بالخرافات التي تتعارض مع العقيدة. ويشهد لهذا ما ورد في سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. فالواجب تكذيب السحرة والكهان وعدم تصديقهم، لأن من تعلق بقولهم وكله الله إليهم وحرمه توفيقه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئا وكل إليه. رواه أحمد والترمذي.

وما طلبته من تزويدك ببعض المعلومات والمسائل عن عالم الجن، فنحيلك فيه إلى كتاب: عالم الجن والشياطين للدكتور عمر سليمان الأشقر.

وأما ما طلبته من الرقى الشرعية فنحيلك فيه على فتوانا رقم: 4310.وفتوانا رقم: 5252.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني