الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم

السؤال

عندنا في الشركة صندوق للزمالة، وهذا الصندوق يقوم ببعض المعاملات كالسلع الاستهلاكية والقروض ذات الفائدة، ويقوم برحلات إلى المصايف ورحلات العمرة والحج أيضاً، ويقدم قروضاً حسنة للمدارس، ويقدم شنطة استهلاكية في شهر رمضان، ويقدم أموالاً في حال الزواج والإنجاب والموت، وأموال هذا الصندوق موضوعة في بنك من البنوك الربوية.
ولقد تكلمت مع القائمين على هذا الصندوق بحرمة هذا الصندوق، وأنه يتعامل بالربا، فقالوا لي: نريد فتوى من شيخ أو عالم، ونريد بديلاً شرعياً.
والسؤال الآن: كيف السبيل لإقامة صندوق للزمالة بطريقة شرعية؟ وكيف حال هذه المعاملات على حدة؟ وللعلم أنا غير مشترك في هذا الصندوق. فهل لي أن أتعامل معهم في الحج والعمرة والقرض الحسن للمدارس؟
أريد جواباً مفصلاً، لأن هذه الإجابة سوف أطلعهم عليها؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز الاشتراك في هذا الصندوق حتى ينضبط بالضوابط الشرعية ويترك التعامل بالربا، وراجع في ذلك الفتوى: 2898، والفتوى: 7163.

والبديل الشرعي للتعامل بالربا هو استثمار الأموال عن طريق المضاربة الشرعية أو غيرها من طرق الاستثمار الحلال، وراجع في ذلك الفتوى: 5314، ولا مانع من تعاملك مع هذا الصندوق بالاقتراض الحسن أو الاشتراك في رحلات الحج والعمرة ما دمت ستدفع ثمن تكلفة هذه الرحلات، ولن تنتفع بعوائده الربوية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود وغيرهم من المشركين، ولا شك أن أموالهم يختلط فيها الحلال بالحرام، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى: 59045.

وأما بالنسبة للفتوى التي طلبها الإخوة القائمون على الصندوق بالنسبة للبنوك الربوية.. فيجب أن يعلم أن البنوك الربوية اليوم قائمة على الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع، ولا عبرة بمن أفتى بخلاف ذلك كائناً من كان، وقد نصت المجامع الفقهية ومؤسسات الإفتاء في العالم الإسلامي على حرمة هذا النوع من الربا، وحرمة التعامل مع تلك البنوك، وقد تضافرت على ذلك القرارات والفتاوى منذ المؤتمر الإسلامي الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد بالقاهرة في المحرم 1385هـ مايو 1965، وحضره خمسة وثمانون فقيها من كبار علماء الأمة، وضم ممثلين لخمس وثلاثين دولة إسلامية، ونص في بنده الأول على أن (الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم)، وتعاقبت بعد ذلك قرارات وتوصيات مؤتمرات عدة منها:

1- المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة عام 1396هـ الموافق 1976م، والذي حضره أكثر من ثلاثمائة من علماء وفقهاء وخبراء في الاقتصاد والبنوك، وقد أكد على حرمة فوائد البنوك.

2- والمؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية المنعقد في الكويت (1403هـ الموافق 1983م).

3- وقد أكد على المعنى نفسه، مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره الثاني بجدة في ربيع الآخر 1406هـ ديسمبر 1985م في قراره رقم 10 (10/2)، والذي نص على أن: كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الفائدة على القرض منذ بداية العقد، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً.

4- وأيضاً مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة الذي أكد في دورته التاسعة المنعقدة عام (1406هـ/ 1986م) على أن: كل ما جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعاً.

5- وكذلك لجنة الإفتاء بالأزهر التي أكدت على حرمة عوائد شهادات الاستثمار (أ، ب) لأنه من باب القرض بفائدة، والقرض بفائدة ربا، والربا حرام.

6- وكذلك فتوى فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر في صفر 1400 هجرية 9 ديسمبر 1979م حيث جاء فيها ما نصه: إن الإسلام حرم الربا بنوعيه -ربا الزيادة وربا النسيئة- وهذا التحريم ثابت قطعا بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع أئمة المسلمين منذ صدر الإسلام حتى الآن.

ولما كان الوصف القانوني الصحيح لشهادات الاستثمار أنها قرض بفائدة، وكانت نصوص الشريعة في القرآن والسنة تقضي بأن الفائدة المحددة مقدماً من باب ربا الزيادة المحرم، فإن فوائد تلك الشهادات وكذلك فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة تدخل في نطاق ربا الزيادة لا يحل للمسلم الانتفاع به، أما القول بأن هذه الفائدة تعتبر مكافأة من ولي الأمر فإن هذا النظر غير وارد بالنسبة للشهادات ذات العائد المحدد مقدماً؛ لا سيما وقد وصف بأنه فائدة بواقع كذا في المائة.

7- وكذلك فتوى الشيخ عطية صقر في مايو 1997م، وجاء فيها: ما يقال من أن الأموال ودائع عند البنك وليست قروضاً، يرد عليه بأن الوديعة إذا ردت لصاحبها ترد كما هي دون زيادة أو نقص، بل قال العلماء: إنه لا يجوز التصرف في الوديعة خصوصاً بما يعرضها للتلف، فمن أين يستحل صاحب الوديعة هذه الأرباح؟ على أنها لا تأخذ شكل الوديعة، لأن الوديعة مطلوب حفظها لردها حين طلبها، وهذه موجهة أصلاً للاستثمار لا للحفظ، فهي سلفة جاءت من الناس إلى البنك، وهو بدوره يقرضها لجهات الاستثمار.

يضاف إلى كل ما سبق ذكره فتاوى الندوات والمؤتمرات العلمية، وفتاوى أهل العلم والمختصين في شؤون الاقتصاد وأعمال البنوك في العالم الإسلامي، كلها أكدت على هذا المعنى بحيث تشكل في مجموعها إجماعاً معاصراً لا تجوز مخالفته على تحريم فوائد البنوك، وراجع للفائدة أيضاً الفتاوى التالية: 1120، 28960، 39555.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني